للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنزَل رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقُمتُ إلى غِرارَةِ (١) لنا، فالتَمَسْتُ فيها فوجَدتُ جِرْوَ قِثّاءٍ (٢)، فكسَرتُه، ثم قرَّبْتُه إلى رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "مِن أين لكم هذا؟ ". فقلتُ: خرَجنا به يا رسولَ الله مِن المدينةِ. قال جابرٌ: وعندَنا صاحبٌ لنا نُجَهِّزُه يذهبُ يَرْعَى ظَهْرَنا. قال: فجَهَّزْتُه، ثم أدْبَرَ يَذهبُ في الظَّهْرِ، وعليه بُرْدانِ له قد خَلَقا. قال: فنظَر رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: "أمَا له ثوبان غيرُ هذين؟ ". فقلتُ: بلى يا رسولَ الله، ثوبانِ في العَيْبَةِ (٣) كَسَوتُه إيَّاهما. قال: "فادْعُه فمُرْه فلْيَلْبَسْهما". قال: فدعَوتُه فلَبِسَهما ثم ولَّى يذهَبُ. قال: فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما له؟ ضرَب اللهُ عُنقَه، أليس هذا خيرًا؟ ". قال: فسمِعه الرجلُ، فقال: يا رسولَ الله، في سبيلِ الله؟ فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "في سبيلِ الله". فقُتِل الرجلُ في سبيل الله.

هكذا هذا الحديثُ في "الموطَّأ"، لَمْ يَختلِفْ فيه الرُّواةُ (٤)، وقد حدَّث أبو نُعيم الحَلَبِيُّ عُبيدُ بن هشام، عن ابن المباركِ، عن مالكٍ بحديثٍ هو عندَهم خطأٌ إنْ أرادَ حديثَ زيدِ بن أسلمَ هذا.

حَدَّثَنَا خلفُ بن قاسم، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسينِ عليُّ بن الحسينِ بن بُندَار، قال: حَدَّثَنَا أبو عثمانَ سعيدُ بن عبدِ العزيز، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعيم الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا ابن المباركِ، عن مالكٍ، عن محمدِ بن المُنكدِرِ، عن أَنَسٍ، أنّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -


(١) الغرارة: الجُوالق، واحدة الغرائر، وهي أكسية تُجعل كالظروف لِمَا يُحمل فيها.
(٢) جرير قثاء: صغار القثاء، قال عياض: وقيل: الطويل منها. وقيل: هو الواحد منها، ويدلُّ عليه قوله في الحديث: "فكسرته" وهذا يدلُّ على كبره. "المشارق" ١/ ١٤٥.
(٣) العيبة: وعاء يحفظ فيه الإنسان ثيابه.
(٤) أخرجه عن مالك: أبو مصعب الزهري (١٨٩٩) ومن طريقه ابن حبان (٥٤١٨)، وروح بن عُبادة عند البزار كما في كشف الأستار (٢٩٦٣)، وسويد بن سعيد (٦٨٥) و (٦٨٦)، وعبد الله بن مسلمة القعنبي عند الجوهري (٣٣٩)، وعبد الله بن وهب عند الحاكم ٤/ ١٨٣، وعبد الرَّحمن بن القاسم (١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>