للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال لرجلٍ: "يا فلانُ، ضرَب اللهُ عُنُقَكَ". قال: في سبيلِ الله يا رسولَ الله؟ قال: "في سبيلِ الله". قال: وهي كانت نِيَّةَ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١).

روَاه عن أبي نُعَيْم الحَلَبيِّ جماعةٌ هكذا بهذا الإسنادِ؛ منهم أبو عِمرانَ موسَى بن محمدٍ الأنْطاكِيُّ، وسعيدُ بن عبدِ العزيزِ بن مروانَ الحَلَبِيُّ.

في هذا الحديثِ إباحةُ طلبِ الظِّلِّ والراحةِ، وأنّ الوقوفَ للشمسِ مع وجودِ الظِّلِّ ليس من البِرِّ، في غَزْوٍ كان ذلك أو غيرِه؛ لأنّهم كانوا غازينَ مُجاهدِين حِينئذٍ. وفيه الخروجُ بالزَّادِ، وفي ذلك رَدٌّ على مَن قال من الصُّوفِيَّةِ: لا يُدَّخَرُ لِغَدٍ. وفيه إكرامُ الرجلِ الجليلِ السَّيِّدِ بيَسيرِ الطعام، وقَبولُ الجِلَّةِ ليسيرِ ما يُدْعَوْن إليه.

وفيه أنّ للرجل أنْ يسألَ: من أين هذا الطعامُ؟ إذا خافَ منه شيئًا، أو خافَ مِن صاحبِه غفلةً لمعنًى معهودٍ، فيُنَبِّهُه على ذلك، وكان جابر يومَئذٍ حَدَثًا، واللّهُ أعلمُ، بمعنَى سُؤالِ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاه عن ذلك، ولم يكنْ جابر ممّن يُتَّهَمُ، ولكنَّ رسولَ الله بُعِث مُعَلِّمًا، - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وفيه أنّ مَن وسَّع اللهُ عليه، لم يَجُزْ له إدمانُ لُبْسِ الخَلَقِ مِن الثيابِ، وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أنعَم اللهُ على عبدٍ بنِعمةٍ، أحبَّ أنْ يُرَى أثرُها عليه" (٢). وقال


(١) ذكره ابن أبي حاتم في العلل ٦/ ١٠١، ونقل عن أبيه قوله: هذا حديث منكر، أُرى دخل له - أي لعُبيد بن هشام الحلبي - حديثٌ في حديث. وذكره أيضًا الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمته ٣/ ٢٤ وعَدَّ هذا الحديث من مناكيره.
(٢) هو بهذا اللفظ ضعيف جدًّا، أخرجه أحمد في المسند ١٣/ ٤٦٨ (٨١٠٧) و ١٥/ ١٢٩ (٩٢٣٤)، والدولابي في الكنى والأسماء (٩٩٩) من حديث أبي هريرة مرفوعًا، وفي إسناده عندهما شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - سيِّئ الحفظ، وابن موهب - وهو يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب - متروك، ويغني عنه حديث عبد الله بن عمرو أخرجه الإمام أحمد في المسند ١١/ ٣١٢ (٦٧٠٨)، والترمذي (٢٨١٩) من طريقين عن همام عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن الله يُحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده" وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>