للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولِ مَن أباحَ شراءَ صَدَقتِه. وقال قتادةُ: البيعُ في ذلك فاسدٌ مرْدودٌ؛ لأنِّي لا أعْلَمُ القَيْءَ إلّا حرامًا (١).

وكلُّ العلماءِ يقولون: إذا رجَعتْ إليه بالميراثِ طابَتْ له، إلّا ابن عمرَ، فإنّه كان لا يَحبِسُها إذا رجَعتْ إليه بالميراثِ (٢). وتابعه الحَسَنُ بن حيٍّ، فقال: إذا رجَعت إليه بالميراثِ وجَّهَها فيما كان وجَّهها فيه إذا كانت صدقةً، وأمّا الهِبَةُ فلا يُكرَهُ الرُّجوعُ فيها.

قال أبو عُمر: يَحتمِلُ فعلُ ابن عمرَ في رَدِّ ما رجَع إليه من صدَقاتِه بالمِيراثِ أنْ يَكونَ على سبيلِ الوَرَع والتَّبَرُّعِ، لا أنه كان يرَى ذلك واجبًا عليه، وكثيرًا ما كان يَدَعُ الحلالَ ورَعًا، ولعلَّه لَمْ يَصِحَّ عندَه ما رُوي عن رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك ولم يَعلَمْه، وقد ورَدتِ السُّنةُ الثابتةُ عن رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإباحَةِ ما رَدَّه الميراثُ من الصَّدَقاتِ. وقد ذكَرناها في بابِ ربيعةَ في قصةِ لَحم بَرِيرةَ (٣) وأوضَحنا المعنَى في ذلك بما لا وَجْهَ لإعادَتِه ههنا. وأكلُ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما أُهدِي إليه من الصدقةِ، وقولُه: "إنّ الصدقةَ تَحِلُّ لمن اشتَراها بمالِه من الأغنياءِ" (٤)


(١) إسناده إليه صحيح، أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٣٩٤ (٢٦٤٦)، وأبو داود (٣٥٣٨)، والطبراني في الكبير (١٠٦٩٢).
(٢) انظر المصنّف، لعبد الرزاق، (باب الرجل يتصدَّق بصدقة ثم يعود إليه بميراثٍ أو شراء) (١٦٥٧٧ - ١٦٥٨٩) فيما أخرجه عن جماعة من الصحابة وغيرهم.
(٣) في سياق شرحه للحديث الثالث من أحاديث ربيعة بن عبد الرَّحمن، وهو في الموطأ برقم (١٦٢٥).
(٤) جزء من حديث صحيح، أخرجه عبد الرزاق في المصنّف (٧١٥١) وعنه أحمد في المسند (١١٥٣٨)، ومن طريق عبد الرزاق أبو داود (١٦٣٦) عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا. وهو في الموطأ (٧١٨)، ومن طريقه أبو داود (١٦٣٥)، والحاكم في المستدرك ١/ ٤٠٨، والبيهقي في الكبرى ٧/ ١٥ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلًا. وقد رجّح بعضهم أن الرواية المرسلة أصح، ومنهم أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في العلل (٢/ ٦١٧، س ٦٤٢)، والدارقطني في العلل (١١/ ٢٧٠، س ٢٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>