للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيرُ ابن جُرَيْج (١): فقال المنافقون: وماذا يَفعلُ بنا؟ فنزَلتْ: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: ١٣٨]. ونزَلَتْ: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٧٣]. فقال عبدُ الله بن أُبَيٍّ وأصحابُه: يَزعُم محمدٌ أنّه غُفِر له ذَنْبُه، وأنْ يَفْتحَ اللهُ عليه ويَنصُرَه نَصْرًا عزيزًا، هَيهاتَ هَيهاتَ، الذي بقي له أكثرُ؛ فارسُ والرومُ، أَيَظُنُّ محمدٌ أنّهم مثلُ مَن نزَل بينَ ظَهْرَيْه؟ فنزلَتْ: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ} [الفتح: ٦]. بأنَّه لا يُنْصَرُ، فبِئْسَ ما ظنُّوا، ونزَلتْ: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية [الفتح: ٧].

قال أبو عُمر: اختلَف أهلُ العلم في قولِه: {فَتْحًا مُبِينًا}. فقال قومٌ: خَيبرُ.

وقال قومٌ: الحُديبيةُ مَنْحَرُه وحَلْقُه. وقال ابن جُريج: {فَتَحْنَا لَكَ}: حكَمْنا لك حُكْمًا بَيِّنًا، حينَ ارْتَحَل من الحُديبيةِ راجعًا. قال: وقد كان شَقَّ عليهم أنْ صُدُّوا عن البيت. وقال: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}. قالَ: أوَّلَه وآخرَه {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا}. قال: يُريدُ بذلك فتحَ مكَّةَ والطائفِ وحُنَينٍ؛ العَرَبَ، ولم يَكُنْ بَقِيَ في العربِ غيرُهم.

وقال قتادةُ ومجاهدٌ: {فَتَحْنَا لَكَ}: قَضَينا لك قضاءً مُبينًا؛ مَنْحَرَه وحَلقَه بالحُديبيةِ. ذكره معمرٌ، عن قتادةَ.

وذكَره وَرْقاءُ، عن ابنِ أبي نَجِيح، عن مجاهدٍ (٢).


(١) قاله مقاتل بن سليمان في تفسيره ١/ ٤١٥، وإليه عزاه ابن الجوزي في زاد المسير ١/ ٤٨٧. ومقاتل متهم بالوضع.
(٢) أخرج جملة هذه الأقوال عن قتادة ومجاهد وغيرهما ابن جرير الطبري في تفسيره ٢١/ ٢٣٨ - ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>