للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المختارِ، لا أعْلَمُهم يختلِفون في ذلك (١). فقِفْ على ما وصَفتُ لك، يَبِنْ لك بذلك سَعةُ الوقتِ المختارِ أيضًا، وباللّه التوفيقُ.

وقال أبو ثَوْرٍ: أوَّلُ وقتِها إذا صار ظِلُّ كلِّ شيءٍ مِثْلَه بعدَ الزَّوَالِ، وزاد على الظِّلِّ زيادةً تتبَيَّنُ إلى أنْ تَصْفَرَّ الشمسُ، وهو قولُ داودَ.

قال أبو عُمر: أمّا قولُ الشافعيِّ وأبي ثَوْرٍ في أنّ وقتَ العصرِ لا يدخُلُ حتى يَزيدَ الظِّلُّ على القَامَةِ زيادةً تَظْهَرُ، فمُخالِفٌ لحديثِ إمامةِ جبريلَ عليه السلامُ؛ لأنّ حديثَ إمامةِ جبريلَ (٢) يَقْتَضِي أنْ يكونَ آخِرُ وقتِ الظهرِ هو أوَّلَ وقتِ العصرِ بلا فَصْلٍ، ولكنه مأخوذٌ مِن حديثِ أبي قتادةَ، عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "إنّما التفريطُ على مَن لَمْ يُصَلِّ الصلاةَ حتى يَدْخُلَ وقتُ الأُخرى" (٣).

وقد بيَّنا اختِلافَ العلماءِ في هذا المعني، وذكَرْنا عِلَلَ أقاويلِهم فيه، في بابِ ابن شهابٍ، عن عُروةَ، من هذا الكتابِ.

وقال أحمدُ بن حنبلٍ في هذه المسألةِ مثلَ قولِ الشافعيِّ أيضًا، قال: وإذا زاد ظِلُّ كُلِّ شيءٍ على (٤) مِثْلِه شيئًا وجَبَتِ العصرُ، فإذا صار ظِلُّ كُلِّ شيءٍ مِثْلَيْه خرَج وقتُ الاختيارِ، ومَن أَدْرَك منها ركعةً قبلَ أنْ تَغْرُبَ الشمسُ فقد أدْرَكَها. قال: وهذا مع الضرورةِ. هذه حكايةُ الخِرَقِيِّ عنه (٥).


(١) انظر الأم ٧/ ١٩٨ للشافعي، وقد بسط ابن رشد الحفيد القول في هذه المسألة مع نقل أقوال الأئمة فيها في كتابه بداية المجتهد ١/ ١٠٠ - ١٠٢. ثم ذكر سبب الخلاف فيها، وبيان ما اتفقوا فيه.
(٢) أخرجه البخاري (٥٢١)، ومسلم (٦١٠) من حديث أبي مسعود الأنصاري.
(٣) أخرجه مسلم (٦٨١) من طريق عبد الله بن رباح عن أبي قتادة.
(٤) من هنا إلى قوله: "مثليه" سقط من ك ٢، كأنه قفز نظر.
(٥) متن الخِرَقي على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل، لأبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي ص ١٩. وقوله: "هذه حكاية الخرقي عنه" لَمْ يرد في ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>