للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي صلاتَي الليلِ وصلاتَي النهارِ؛ الظهرَ والعصرَ، والمغربَ والعشاءَ (١). وهذا القولُ للشافعيِّ في هذه المسألةِ أشهرُ أقاويلِه عندَ أصحابِه فيها وأصَحُّها عندَهم، وهو الذي لم يَذْكُرِ البُوَيْطِيُّ (٢) غيرَه.

وللشافعيِّ في هذه المسألةِ قولانِ آخَرانِ؛ أحدُهما، مثلُ قولِ مالكٍ سواءً؛ في مراعاةِ قَدْرِ خَمْسِ رَكَعاتٍ للظهرِ والعَمْرِ، وما دونَ ذلك (٣) إلى رَكْعةٍ للعصرِ، ومقدارِ أربَعِ رَكَعاتٍ للمغربِ والعِشَاءِ، وما دونَ ذلك للعِشاءِ، وآخرُ الوقتِ عندَه في هذا القولِ لآخرِ الصلاتينِ. والقولُ الآخرُ، قاله في الكتابِ المِصريِّ؛ قال في المُغمَى عليه: إنّه إذا أفاقَ وقد بَقِيَ عليه مِن النهارِ قدرُ ما يُكَبِّرُ فيه تكبيرةَ الإحرامِ، أعادَ الظُّهرَ والعصرَ، ولم يُعِدْ ما قبلَهما؛ لا صُبْحًا ولا مَغْربًا ولا عشاء. قال: وإذا أفاق وقد بَقِيَ عليه من الليلِ قبلَ أن يَطلُعَ الفجرُ قدرُ تكبيرةٍ واحدةٍ، قضَى المغربَ والعشاءَ، وإذا أفاق قبلَ طلوعِ الشمسِ بقدرِ تكبيرةٍ قضَى الصُّبحَ، وإذا طَلعَتِ الشمسُ قبلَ أن يُفيقَ لم يَقضِها. قال: وكذلك الحائضُ والرَّجُلُ يُسلِمُ. وقال فيمن جُنَّ بأمرٍ لا يكونُ به عاصيًا فذَهب عقلُه: لا قضاءَ عليه، ومن كان زوالُ عقلِه بما يكونُ به عاصيًا، قضَى كلَّ صلاةٍ فاتتْه في حالِ زوالِ عقلِه، وذلك مِثلُ السَّكرانِ وشاربِ السُّمِّ والسكرانِ عامدًا لإذهابِ عقلِه (٤).


(١) نقل هذا القول عن الشافعي إسماعيل بن يحيى المُزني في مختصره ٨/ ١٠٤، وابن المنذر في
الأوسط ٤/ ٣٩٣، والحديث المذكور سلف تخريجه قريبًا.
(٢) أبو يعقوب يوسف بن يحيى صاحب الشافعي.
(٣) ليست في ك، وهي مستحسنة.
(٤) قاله الإمام الشافعي في الأم ١/ ٨٨، ونقله عنه أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشِّيرازي في المهذَّب ص ١٠٥، وقد بسط القول في هذه المسألة الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء له ١/ ٢٦٥ وبيّن أقوال العلماء وأصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>