للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أدْرَكَ رَكْعةَّ مَن الصُّبْحِ". أو: "من العَصْرِ" على ما في هذا الحديثِ، يقتضِي فسادَ قولِ مَن قال: مَن أدرك تكبيرةً؛ لأن دليلَ الخِطابِ في ذلك أنَّ مَن لم يُدرِكْ من الوقتِ مقدارَ رَكْعةٍ فقد فاتَه، ومَن فاتَه الوقتُ بعُذرٍ يَسْقُطُ عنه فيه الصلاةُ، كالحائضِ وشِبهِها، فلا شيءَ عليه، واللهُ أعلمُ.

وما (١) احتَجَّ به بعضُ أصحابِ الشافعيِّ بذه القَولَة، حيثُ قالوا: إنّما أراد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بذِكرِ الرَّكْعةِ البعضَ من الصَّلاةِ؛ لأنَّه قد رُويَ عنه: "مَن أدرَكَ رَكْعتين من العَصْرِ" (٢). فأشار إلى بعضِ الصلاةِ مرَّةً برَكْعةٍ ومرَّةً برَكْعتين، والتكبيرُ في حُكم الرَّكْعةِ؛ لأنّه (٣) بعضُ الصلاةِ، فمَن أدرَكها فكأنه أدرَك رَكْعةً من الصلاةِ - فليس بشيءٍ؛ لأنَّه يَنتَقضُ عليه أصلُه في الجُمُعةِ، ولم يَختَلِفْ قولُه فيها أنَّ مَن لم يُدركْ منها رَكْعةً تامةً فلم يُدرِكْها، وهو ظاهرُ الخبَرِ؛ لأنّ


(١) هذه الفقرة لم ترد في خ.
(٢) وهي رواية شاذّة بهذا اللفظ، تفرَّد بها أبو صالح - وهو ذكوان السمان - دون أصحاب أبي هريرة عنه. وقد اختُلف عليه فيه في متنه وإسناده، فقد أخرجه أحمد في المسند ١٦/ ١٤ (٩٩١٨) من طريق شعبة عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا، وابن خزيمة (٩٨٥) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة بالإسناد المذكور، وأخرجه الطحاوي في شرح المعاني ١/ ١٥٠ من طريق وَهْب بن جرير، عن شعبة، باللفظ المذكور عند المصنف. ولكن أخرجه ابن خزيمة (٩٨٥) من طريق ابن أبي حازم - وهو قيس - وأبو نعيم في الحلية ٧/ ١٤٤ من طريق سفيان الثوري، عن سهيل بن أبي صالح، به بلفظ: "ركعة من العصر".
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٢٢٢٨) عن سفيان الثوري، عن الأعمش - وهو سليمان بن مهران - عن أبي صالح، به موقوفًا.
وكذلك أخرجه النسائي ١/ ٢٥٧ (٥١٤) بلفظ: "ركعتين من صلاة العصر" من رواية معتمر - وهو ابن سليمان - فقال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني وأحمد بن المقدام عن معتمر، قال: سمعت معمرًا - وهو ابن راشد الأزدي - عن ابن طاووس - وهو عبد الله - عن أبيه - وهو طاووس بن كيسان اليماني - عن ابن عباس عن أبي هريرة مرفوعًا. وخالف معتمرًا عبدُ الأعلى النرسي عند مسلم (٦٥٨) فرواه عن معمر بلفظ: "ركعة من العصر".
(٣) في ك ٢: "لأنها".

<<  <  ج: ص:  >  >>