للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولَه في جماعةِ أصحابِه: من لم يُدرِكْ من صلاةِ الجُمُعةِ رَكْعةً بسجدتَيها أتَمَّها ظُهرًا. وهذا يقضِي عليه، على سائرِ أقوالِه، وهو أصَحُّها، واللهُ أعلمُ.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه، وهو قولُ ابن عُليَّةَ (١): مَن طهُرَ من الحُيَّضِ، أو بَلَغَ من الصِّبيانِ، أو أسلَم من الكُفارِ، لم يكنْ عليه أن يُصلِّيَ شيئًا ممّا فات وقتُه، وإنما يَقضِي ما أدرك وقتَه بمقدارِ رَكْعةٍ فما زاد. وهم لا يقولون بالاشتراكِ في الأوقاتِ؛ لا في صلاتَي الليلِ، ولا في صلاتَي النهارِ، ولا يَرونَ لأحدٍ الجمعَ بينَ الصلاتينِ، لا لمسافرٍ، ولا لمريضٍ، ولا لعُذرٍ من الأعذارِ، في وقتِ إحداهما، لا يجوزُ ذلك عندَهم في غيرِ عَرَفةَ والمزدلفةِ (٢).

وسيأتي ذِكرُ مذاهبِ العلماءِ في الجمعِ بينَ الصلاتينِ في بابِ أبي الزُّبيرِ إن شاء اللهُ.

وقولُ حمادِ بن أبي سُليمانَ (٣) في هذه المسألةِ كقولِ أبي حنيفةَ. ذكَره غُندرٌ، عن شعبةَ، قال: سألتُ حمادًا عن المرأةِ تَطهُرُ في وقتِ العصرِ، قال: تُصلِّي العصرَ فقط (٤).


(١) إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم.
(٢) وهذا القول نقله عنه محمد بن الحسن الشيباني في كتابه الحجَّة على أهل المدينة ١/ ١٥٩ - ١٦٣، وفي الأصل المعروف بالمبسوط ١/ ١٤٧، وحُجَّتهم في ذلك ما ذكره السرخسي في المبسوط ١/ ١٤٩ من قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]، وقوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣] أي: فرضًا مؤقَّتًا، وما رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ جَمع بين صلاتين من غير عُذر، فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر" أخرجه أبو يعلى (٢٧٥١)، والطبراني في "الكبير" ١١/ ٢١٦ (١١٥٤٠) من حديث ابن عباس، وإسناده ضعيف جدًّا، فيه حنش - وهو ابن قيس - متروك.
(٣) في ك ٢: "سلمة"، وهو تحريف ظاهر، فهو حماد بن أبي سليمان أبو إسماعيل الكوفي (تهذيب الكمال ٧/ ٢٦٩).
(٤) نقله عن حمّاد: ابن المنذر في الأوسط ٢/ ٢٤٧. ووقع في الآثار لأبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم - وهو النخعي - في المرأة تَطهرُ في وقت صلاة، قال: تقضيها. وغندر هو محمد بن جعفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>