للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه فيمن أُغمِيَ عليه خمسَ صَلَواتٍ فأقلَّ منها ثم أفاقَ، أنّه يقضِيها، ومن أُغمِيَ عليه أكثرَ من ذلك ثم أفاق لم يَقضِه. وهذا قولُ الثوريِّ، إلا أنه قال: أحبُّ إليَّ أن يَقضِيَ (١).

وقال الحَسَنُ بن حَيٍّ: إذا أُغمِيَ عليه خمسَ صَلَواتٍ فما دونَها، قضَى ذلك كلَّه إذا أفاق، وإن أُغمِيَ عليه أيامًا، قضَى خمسَ صَلَواتٍ فقط، ينظُرُ حينَ يُفيقُ فيقضِي ما يَلِيه (٢).

وقال زُفرُ في المُغمَى عليه يُفيقُ، والحائضِ تطهُرُ، والنَّصرانيِّ يُسلِمُ، والصَّبيِّ يَحتَلِمُ: إنه لا يجبُ على واحدٍ منهم قضاءُ صلاةٍ إلا بأن يُدْركوا من وقتِها مقدارَ الصلاةِ كلِّها بكمالِها، كما لا يجبُ عليه من الصيام إلا ما أدرَك وقتَه بكمالِه (٣).

قال أبو عُمر: قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أدرَك رَكْعةً" (٤). على ما في حديثِ هذا البابِ يرُدُّ قولَ زُفَرَ هذا، واللّهُ المستعانُ.

وقال أبو ثَورٍ في المُغمَى عليه: لا يَقضِي إلا صلاةَ وقتِه، مثلَ أن يُفيقَ نهارًا قبلَ غروبِ الشَّمْسِ، فيقضيَ الظهرَ والعصرَ، ولا يُصلِّيَ الفجرَ، وإن أفاقَ قبلَ الفجرِ صلَّى المغربَ والعشاءَ لا غيرُ، وإن أفاقَ بعدَ طلوعِ الفجرِ، لم يجِبْ عليه من صلاةِ الليلِ شيءٌ، فإن أفاق بعدَ طلوعِ الشَّمْسِ، فليس عليه صلاةُ الصبح.


(١) نصَّ عليه محمد بن الحسن الشيباني في كتابه: الحجة على أهل المدينة ١/ ١٥٨، ١٥٩.
(٢) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٦٥.
(٣) نقله عنه الطحاوي في شرح المشكل ٦/ ٩٤، وانظر: المعتصر من المختصر من مشكل الآثار ليوسف بن موسى الملطي ١/ ٥٢.
(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>