للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حينِ طلوعِ الشمسِ، أخَّرَ الصلاةَ حتى ارتفعَت (١). قالوا: وبهذا تَبيّنَ أن نهيَه عن الصلاةِ في تلك الأوقاتِ ناسخ لحديثِ البابِ. فذكَروا حديثَ الثوريِّ، عن سعيدِ بن إسحاقَ بن كَعْبِ بن عُجْرةَ، عن رجل من وَلَدِ كعبِ بن عُجْرةَ، أنه نامَ عن الفجرِ حتى طلَعتِ الشَّمْسُ. قال: فقُمتُ أُصلِّي، فدعاني فأجلَسني - أعني كعبَ بن عُجْرةَ - حتى ارتفَعتِ الشمسُ وابيَضَّت، ثم قال: قُمْ فصلِّ (٢). وحديثَ معمرٍ والثوريِّ، عن أيوبَ، عن ابن سيرينَ، أنّ أبا بكرةَ أتاهم في بستانٍ لهم، فنام عن العصرِ، قال: فرَأيناه أنه صلَّى، ولم يكنْ صلَّى، فقام فتوضّأ، ولم يُصلِّ حتى غابَتِ الشمسُ (٣).

قال أبو عُمر: أما الخبرُ عن كعبِ بن عُجْرةَ، فلا تقومُ به حجةٌ؛ لأنه عن رجلٍ مجهولٍ من وَلَدِه. وأما حديثُ أبي بكرةَ، فهم يخالِفونه في عصرِ يومِه، ويرونَ جوازَ ذلك. وقد أجمَعوا أنّ السنةَ لا ينسَخُها إلا سنة مثلُها، ولا تُنسَخُ سنةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بقولِ غيرِه؛ لأنه مأمورٌ باتِّباعِه، ومحظورٌ من مخالفِته.

وقال مالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُهما، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، وداودُ، والطبريُّ: مَن نام عن صلاةٍ أو نَسِيَها، أو فاتَته بأيِّ سببٍ كان، فليُصَلِّها بعدَ الصبحِ، وبعدَ العصرِ، وعندَ الطلوعِ، وعندَ الاستواءِ، وعندَ الغروبِ، وفي كلِّ وقتٍ ذكَرها فيه. وهو قولُ أكثرِ التابعين بالحجازِ واليمنِ والعراقِ (٤).


(١) أخرجه البخاري (٥٩٥) من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ٢/ ٦٧: ويستفاد منه أن تأخيره الصلاة إلى أن طلعت الشمس وارتفعت كان بسبب الشغل بقضاء حوائجهم لا لخروج وقت الكراهة. وانظر الأوسط لابن المنذر ٢/ ٤١٠.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٢٢٥١).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٢٢٥٠)، وابن المنذر في الأوسط ٢/ ٤٠٩.
(٤) انظر: المجموع شرح المهذب، للنووي ٣/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>