للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ارتفاعِ الشمس. ولو دخَل في صلاةِ العصرِ فاصفرَّتِ الشمسُ، أتمَّها إذا كانت عصرَ يومِه خاصةً (١).

واحتجُّوا لما ذهَبوا إليه في هذا الباب بحديثِ الصُّنابحيِّ (٢)، وحديثِ عَمْرِو بن عَبَسَةَ (٣)، وحديثِ عُقبةَ بن عامرٍ (٤)، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن الصلاةِ عندَ طلوعِ الشَّمْسِ، وعندَ غروبِها، وعندَ استوائِها. وجعَلوا نهيَه عن الصلاةِ في هذه الأوقاتِ نهيَ عمومٍ، كنهيِه عن صيام يوم الفطرِ ويوم النَّحرِ؛ لأنَّه لا يجوزُ لأحدٍ أن يقضِيَ فيها فرضًا من صيامٍ، ولا تطوُّعٌ بصيامِها، وهذا إجماعٌ. قالوا: فكذلك نهيُه عن الصلاةِ عندَ طُلوعِ الشمسِ وعندَ غروبِها واستوائِها، يقتضِي صلاةَ النافلةِ والفريضةِ.

ومنهم مَن زعَم أن حديثَ هذا البابِ منسوخٌ بأحاديثِ النهي عن الصلاةِ في تلك الأوقاتِ (٥). واحتجُّوا أيضًا بأنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إذْ نام عن الصلاةِ واستيقَظ


(١) نقل هذا القول عن أهل الرأي ابن المنذر في الأوسط ٢/ ٤١٢، وانظر المبسوط للسرخسي ١/ ٢٧٦.
(٢) هو أبو عبد الله الصنابحي، واسمه عبد الرحمن بن عُسيلة، وهو تابعي دخل المدينة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ليال أو أربع، فلا تصح صحبته، كما بينه يعقوب بن شيبة في تهذيب الكمال ١٧/ ٢٨٤، وهو قول علي بن المديني، ومن تابعه. أما تصريح الصنابحي بسماع هذا الحديث في مسند أحمد ٣١/ ٤٢٠ (١٩٠٧٠) وغيره فلا يعتد به، لأن هذا من الاختلاف على زيد بن أسلم، كما بيناه مفصلًا في تعليقنا على ابن ماجة (١٢٥٣)، وبينه صديقنا العلامة الشيخ شعيب حفظة الله في تعليقه على المسند الأحمدي ٣١/ ٤٠٩ - ٤١٢.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٢٨/ ٢٢٨ (١٧٠١٤)، ومسلم (٨٣٢)، وأبو داود (١٢٧٧)، والنسائي (٥٨٤)، وابن ماجة (١٢٥١).
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٢٨/ ٦٠٤ (١٧٣٧٧)، ومسلم (٨٣١)، وأبو داود (٣١٩٢)، والترمذي (١٠٣٠)، والنسائي (٥٦٠) و (٥٦٥)، وابن ماجة (١٥١٩).
(٥) ذُكر هذا عن داود الظاهري كما في فتح الباري لابن حجر ٣/ ٩١٦ فيما نقله عن البيضاويّ، وبذلك جزم ابن حزم. قال: وخالفهم الأكثرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>