الوقتِ يَتهيَّأُ على الرَّكْعةِ، ولا يتَهيَّأُ البناءُ في أولِ الوَقْتِ؛ لأن تقديمَ ذلك قبلَ دخولِ الوقتِ لا يجوزُ.
وروى ابن وَهْبٍ عن اللَّيثِ، في الرجلِ يزُولُ عليه الشمسُ وهو يُريدُ سَفَرًا فلا يصلِّي حتى يخرُجَ، قال: يصلِّي صلاةَ المقيمِ؛ لأن الوَقْتَ دخَل عليه قبلَ الخروج، ولو شاء أن يُصلِّيَ صلَّى (١).
والكلامُ في تعليلِ هذه المسائلِ يطولُ، وقد ذكَرنا منه أُصولَ معانيه، وما مدارُه عليه، والحمدُ للّه.
وقال مالكٌ، وأبو حنيفةَ، والأوزاعيُّ، وأصحابُهم: لا شيءَ على المرأةِ إذا حاضَتْ في بقيةٍ من الوقتِ. على ما قدَّمنا عنهم أنّ الحائضَ لا صلاةَ عليها، وقد كانت مُوسَّعًا لها في الوقتِ.
ومسائلُ هذا البابِ تكثر جدًّا، وهذه أُصولُها التي تُضبَطُ بها. وأصلُ هذا البابِ كلِّه الحديثُ المذكورُ في أولِه، وبالله العونُ والتوفيقُ لا شريكَ له.
وأما الوجهُ الثالثُ من معاني حديثِ هذا البابِ: وهو جوازُ مَن صلَّى صلاةَ الصبحِ عندَ طلوعِ الشمسِ، أو العصرِ عندَ غروبِ الشمسِ، ممّن نامَ أو نسِيَ، فإنّ العلماءَ اختلَفوا في ذلك؛ فقال الكوفيون؛ أبو حنيفةَ وأصحابُه: لا يقضِي أحد صلاةً عندَ طلوعِ الشمسِ، ولا عندَ قيام قائم الظهيرةِ، ولا عندَ غروبِ الشمسِ، غيرَ عصرِ يومِه خاصةً، فإنه لا بأسَ أن يُصليَها عندَ غروبِ الشَّمْسِ من يومِه؛ لأنه يخرُجُ إلى وقتٍ تجوزُ فيه الصلاةُ. قالوا: ولو دخَل في صلاةِ الفجرِ فلم يُكمِلْها حتى طلَعت عليه الشمسُ، بطَلت عليه، واستقبَلها
(١) وكذا نقل الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٤٧ القولَ في ذلك عن الثوري والأوزاعي.