للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَهُرت، لا تسقُطُ عنها الصلاةُ من أجلِ غُسلها؛ لأن شُغلَها بالاغتسالِ لا يُضِيعُ عنها ما لزِمَها من فرضِ الصلاةِ، وإنما تسقُطُ الصلاةُ عن الحائضِ ما دامَت حائضًا، فإذا طهُرت فهي كالجُنُبِ، ولزِمَها صلاةُ وقتِها التي طهُرت فيه.

قال الشافعيُّ: وكذلك المُغمى عليه يُفيقُ، والنصرانيُّ يُسلمُ، قبلَ غروبِ الشَّمْسِ، أو قبلَ طلوعِ الفَجْرِ، أو قبلَ طلوعِ الشَّمْسِ برَكْعةٍ، ثم اشتغَل بالوضوءِ حتى خرَج الوقتُ. قال: ولا يقضِي أحدٌ من هؤلاء شيئًا من الصلواتِ التي فاتَ وقتُها (١):

وقال الشافعي وابن عُليَّةَ: لو أنّ امرأةً حاضَت في أولِ وقتِ الظُّهرِ بمقدارِ ما يُمكنُها فيه صلاةُ الظهرِ، ولم تكنْ صلَّت، لَزِمها قضاءُ صلاةِ الظهرِ؛ لأن الصلاةَ تجبُ بأول الوقتِ، وليس تَسْقُطُ عنها، لما كان لها من تأخيرِ الصلاةِ إلى آخرِ وقتِها، ما وجَب عليها من الصلاةِ بأوله. قالوا: والدليلُ على أنّ الصلاةَ تجبُ بأولِ الوقتِ أن مسافرًا لو صلَّى في أولِ الوقتِ قبلَ أن يدخُلَ المصرَ، ثم دخَل المِصرَ في وقتِه أجزأَه. فإن حاضت وقد مضَى من الوقتِ قَدْرُ ما لا يُمكنُها فيه الصلاةُ بتمامِها، لم يجِبْ قضاؤُها؛ لأنه لم يأتِ عليها من الوقتِ ما يُمكنُها فيه الصلاةُ، كما لو حاضَت وهي في الصلاةِ في أولِ وقِتها، لم تكنْ عليها إعادتُها؛ لأن اللهَ منَعها أن تصلِّيَ وهي حائضٌ (٢).

وقال بعضُ أصحابِ الشافعيِّ: لم يجُزْ أن يُجعَلَ أولُ الوقتِ هاهنا كآخرِه (٣)، فيلزمَها بإدراك رَكْعةٍ الصلاةُ كلُّها أو الصلاتان؛ لأن البناءَ في آخرِ


(١) قاله في الأم ١/ ٨٨ (المعرفة). وينظر: الأوسط لابن المنذر ١/ ٢٦٢ - ٢٦٥، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٦٤.
(٢) انظر المجموع شرح المهذب للنووي ٣/ ٦٧.
(٣) عَزا النووي هذا القول لأبي يحيى البلخي من الشافعية، وقال: وغلَّطه الأصحاب. (المجموع شرح المهذب ٣/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>