للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرادَ الله منها فيمَن نامَ أو نسِيَ أنه يَقضِي، ورأينا العاجزَ عن القيام في الصلاةِ أنه يَسقُطُ عنه، وكذلك إن عجَز عن الجلوسِ ونحوه حتى يُومئَ إيماءً، فإذا لم يقدِرْ على الإيماءِ فهو المُغْمَى (١) عليه، ووجَب سقوطُ ذلك عنه بخروج الوقتِ.

ودليلٌ آخرُ من الإجماعِ، وذلك أنهم أجمعَوا على أن المجنونَ المُطبَقَ لا شيءَ عليه بخروج الوَقْت من صلاةٍ ولا صيام، إذا أَفاقَ من جنونِه وإطباقِه، فكان المُغمَى عليه أشبهَ به منه بالنائمِ، إذ لا يجتَذِبُه غيرُ هذينِ الأصلينِ، ووجدناه لا يَنتَبِهُ إذا نُبِّه، فكان ذلك فرقًا بينَه وبينَ النائمِ. وفرق آخرُ: أن النومَ لذةٌ ونعمةٌ، والإغماءَ عِلَّةٌ ومرضٌ من الأمراضِ، فحالُه بحالِ مَن يُجَنُّ أشبَهُ منه بحالِ النائم.

ولقولِ أحمدَ بن حنبلٍ وعُبيدِ الله بن الحسنِ وجوهٌ في القياسِ أيضًا، مع الاحتياطِ واتِّباعِ رَجُلينِ من الصحابةِ.

وأما قولُ مَن قال: يقضِي خمسَ صلواتٍ ولا يقضِي ما زاد، فقولٌ لا بُرهانَ له به، ولا وَجْهَ (٢) يجبُ التسليُم له.

وقالت طائفةٌ من العلماءِ، منهم ابن عُليَّةَ، وهو أحدُ أقوالِ الشافعيِّ، وهو المشهورُ عنه في "البُويطيِّ" وغيرِه: إذا طهُرت الحائضُ في وقتِ صلاةٍ وأخَذتْ في غُسلِها، فلم تَفْرُغْ حتى خرَج وقتُ تلك الصلاةِ، وجَب عليها قضاءُ تلك الصلاةِ؛ لأنّها في وقتِها غيرُ حائضٍ (٣)، وليس فوتُ الوقتِ عن الرجلِ بمُسقِطٍ عنه الصلاةَ إن اشتغل بوُضوئِه أو غُسْلِه حتى فاته الوقتُ، وكذلك الحائضُ إذا


(١) في ط: "كالمغمى".
(٢) في ط: "حجة".
(٣) نقله عنه ابن المنذر في الأوسط ٢/ ٢٤٧ - ٢٤٨، ونقل عن الأوزاعي قوله: لا شيء عليها، ونقل عن أحمد بن حنبل: أنها تصلي الظهر والعصر إذا رأت الطُّهر قبل غروب الشمس وإن لم تفرُغ حتى تغيب الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>