للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجازِ وفقهائِهم وجميعُ أهلِ الأثرِ. وهذا أصلٌ عظيمٌ جَسيمٌ في ترتيبِ السُّننِ والآثارِ، فتدبَّرْهُ، وقِفْ عليه، ورُدَّ كلَّ ما يرِدُ عليك من بابِه إليه.

ومن قبيح غلَطِهم في ادِّعائِهم النَّسخَ في هذا البابِ، أنهم أجازوا لمن غفَل أو نامَ عن عصرِ يومِه أن يُصلِّيَها في الوقتِ المنهيِّ عنه، فلم يقُودُوا أصلَهم في النَّسخِ، ولا فرقَ بينَ عصرِ يومِه وغيرِ يومِه في نظرٍ ولا أثرٍ، ولو صحَّ النَّسخُ دخَل فيه عصرُ يومِه وغيرِ يومِه. وفي قولِهم هذا إقرارٌ منهم بالخصوصِ في أحاديثِ النَّهي، والخصوصُ أن يُقتصَرَ بها على التطوعِ دونَ ما عدَاه من الصلواتِ المنسيَّاتِ المكتوباتِ (١). هذا قولُ مالكٍ وأصحابِه، وزاد الشافعيُّ وأصحابُه المسنُوناتِ (٢).

وأما قولُهم: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أخَّر الفائتةَ حينَ انتبه عندَ طلوعِ الشمسِ، فليس كما ظنُّوا؛ لأنّا قد روَينا أنهم لم ينتَبِهُوا يومَئذٍ إلا لحرِّ الشَّمسِ، والشَّمسُ لا تكونُ لها حرارةٌ إلا في وَقتٍ تحِلُّ فيه الصلاةُ إن شاء اللهُ.

أخبرنا سعيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا ابن وضَّاحٍ، قال: حدَّثنا أبو بكرِ بن أبي شيبةُ، قال: حدَّثنا عفانُ، قال: حدَّثنا حمادُ بن سلمةَ، عن عَمرِو بن دينارٍ، عن نافع بن جبيرِ بن مطعِم، عن أبيه، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان في سفرٍ فقال: "مَن يكلَؤُنا الليلةَ لا نرقُدُ عن صلاةِ الفجر؟ ". فقال بلالٌ: أنا. فاستقبَل


(١) في ق: "المنهيات".
(٢) عزا هذه الأقوال لأصحابها الغزالي في فتح العزيز بشرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ٣/ ١٠٢ - ١١٣، وزاد: "وبه قال أحمد واستُثني على مذهبه ركعتا الطواف وصلاة الجماعة مع إمام الحيّ، وأبو حنيفة يكره إعادتها في الجماعة". وانظر: المجموع شرح المهذب للنووي ٣/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>