للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا من أصحِّ حديثٍ يُروَى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاةِ الكُسوفِ، وهي رَكْعتانِ، في كلِّ ركعةٍ رُكُوعانِ، فحصَلتْ أربعُ رَكَعاتٍ، وأربعُ سجداتٍ. وكذلك روَى ابن شهابٍ، عن كَثيرِ بن عباسٍ (١)، عن عبدِ الله بن عباسٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٢). وكذلك روَتْ عائشةُ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وحديثُها أيضًا في ذلك أثبتُ حديثٍ وأصحُّه، رواه مالكٌ، عن هشام بن عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ (٣)، وعن يحيَى بن سعيدٍ، عن عَمرةَ، عن عائشةَ (٤)، بمعنًى واحدٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاةِ الكسوفِ، رَكْعتانِ، في كلِّ ركعةٍ ركوعانِ. وكذلك رواه ابن شهابٍ، عن عُروةَ، عن عائشةَ (٥). وبه يقولُ مالكٌ والشافعيُّ وأصحابهما. وهو قولُ أهلِ الحِجازِ وقولُ اللَّيثِ بن سعدٍ. وبه قال أحمدُ بن حنبلٍ وأبو ثورٍ (٦).

فأمّا قولُه في هذا الحديثِ: وهو دونَ القيام الأوَّلِ، فإنّه أرادَ بقولِه أنّ القيامَ الأوَّلَ أطولُ من الثاني، وكذلك الركوعُ الأولُ أطولُ من الثاني في الرَّكْعةِ الأولى.

وأرادَ، واللهُ أعلمُ، في الركعةِ الثانيةِ، أنّ القيامَ الأولَ فيها دونَ القيام الأولِ في الركعةِ الأولى، والركوعَ الأولَ فيها دونَ الركوع الأولِ في الركعةِ الأولى.


(١) هو كثير بن العباس بن عبد المطلب (تهذيب الكمال ٢٤/ ١٣١).
(٢) حديث محمد بن شهاب الزهري عن كثير بن العباس أخرجه البخاري (١٠٤٦)، ومسلم (٩٠٢).
(٣) أخرجه البخاري (١٠٤٤)، ومسلم (٩٠١) (١).
(٤) أخرجه البخاري (١٠٥٥) و (١٠٥٦)، ومسلم (٩٠٣).
(٥) أخرجه البخاري (١٠٤٧) و (٣٢٠٣)، ومسلم (٩٠١) (٣).
(٦) وذكر مثل هذا عنهم ابن رشد في بداية المجتهد ١/ ٢٢٠، وأضاف: "وذهب أبو حنيفة والكوفيُّون إلى أن صلاة الكسوف ركعتان على هيئة صلاة العيد والجمعة" ثم ذكر السبب في اختلافهم.
وانظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي ٢/ ٤٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>