للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قولُ ابن عباسٍ في حديثنا المذكورِ في هذا البابِ حيثُ قال: "نَحْوًا من سورة البقرةِ" (١). دليلٌ على أنّ سُنَّةَ القراءَةِ في صلاةِ الكسوفِ أن تكونَ سرًّا.

وكذلك روَى ابن إسحاقُ، عن هشام بن عُروةَ وعبدِ الله بن أبي سَلَمةَ، عن عُروةَ، عن عائشةَ، قالتْ: كَسَفتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرَج فصلَّى بالناسِ، فقامَ فأطالَ القيامَ، فحَزَرْتُ قراءَتَه، فرأيتُ أنّه قرَأ سورةَ البقرةِ - وساق الحديثَ - وسجَد سجدَتَيْن، ثم قام، فحَزَرْتُ قراءَتَه، فرأيْتُ أنّه قرَأ سورةَ آلِ عمرانَ (٢).

وهذا يدُلُّ على أنّ قراءَتَه كانت سرًّا، ولذلك روَى سَمُرةُ بن جُنْدُب، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه لم يُسمَعْ له صوتٌ في صلاةِ الكسوفِ. وبذلك قال مالكٌ والشافعيُّ وأصحابُهما، وهو قولُ أبي حنيفةَ واللَّيثِ بن سعدٍ، والحجَّةُ لهم ما ذكَرنا.

أخبرنا عبدُ الله بن محمدِ بن عبدِ المؤمنِ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٣): حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، قال: حدَّثنا زهيرٌ (٤)، قال: حدَّثنا الأسودُ بن قيسٍ، قال: حدَّثني ثعلبةُ بن عِبَادٍ العبدِيُّ من أهل البصرةِ، أنّه شهِد خُطبةً يومًا لسَمُرةَ فذكر حديثَ الكسوف بتَمامِه، وفيه: فصلَّى بنا، فقام كأطولِ ما قامَ بنا قطُّ لا نَسمَعُ له صوتًا، وذكَر الحديثَ.


(١) أخرجه البخاري (٥١٩٧)، ومسلم (٩٥٧) (١٧) وقد سلف تخريجه.
(٢) حديث حسن، أخرجه أبو داود (١١٨٧)، وهو عند النسائي (١٤٨١) من غير هذا الوجه من رواية أبي حفصة مولى عائشة عنها. ومعناه في "الصحيحين" من رواية عروة عن عائشة دون قولها: "فحزرت قراءته أنه قرأ بسورة آل عمران"، انظر البخاري (١٠٤٦)، ومسلم (٩٠١).
(٣) في السنن (١١٨٤)، وتقدم تخريجه قريبًا.
(٤) هو زهير بن معاوية بن حديج، أبو خيثمة الكوفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>