للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن حُجةِ من قالَ بالجهرِ في صلاةِ الكُسوفِ، إجماعُ العلماءَ على أنّ كلَّ صلاةٍ سُنَّتُها أن تُصَلَّى في جماعةٍ من صلواتِ السُّنَنِ، فسنَّتُها الجهرُ، كالعِيدَينِ والاستسقاءِ، فكذلك الكُسوفُ.

وقال الطبريُّ: إن شاء جهَر في صلاةِ الكُسُوفِ، وإن شاء أسرَّ، وإن شاء قرَأ في كلِّ ركعةٍ مرَّتيْن، وركَع فيها ركوعينِ، وإن شاء أربعَ قراءات، وركَع أربعَ رَكَعاتٍ، وإن شاء ثلاثَ رَكَعاتٍ في ركعةٍ، وإن شاء ركعتَيْن كصلاةِ النافلةِ.

واختلَف الفقهاءُ أيضًا في صلاةِ الكسوفِ؛ هل هي في كلِّ النَّهارِ أم لا؟ فروَى ابن وَهْبٍ، عن مالكٍ قال: لا يُصَلَّى الكسوفُ إلّا في حين صلاةٍ. قال: فإن كسَفَتْ في غير حينِ الصلاةِ، ثم جاء حينُ الصلاةِ والشمسُ لم تَنْجَلِ صلَّوا، فإنْ تَجَلَّتْ قبلَ ذلك لم يُصلُّوا (١).

وروَى ابن القاسم عنه قال: لا أرَى أنْ يُصَلَّى الكسوفُ بعدَ الزوالِ، وإنّما سُنَّتُها أن تُصَلَّى ضحًى إلى الزوالِ (٢).

وقال الليثُ بن سعدٍ: يُصَلَّى الكسوفُ نصفَ النَّهارِ؛ لأنّ نصفَ النهارِ لا يَثْبُتُ لسرعةِ الشَّمْسِ.

وقال الليثُ: حَجَجْتُ سنةَ ثلاثَ عشرةَ ومئةٍ، وعلى الموسم سُليمانُ بن هشامٍ، وبمكةَ عطاءُ بن أبي رباحٍ، وابن شهابٍ، وابن أبي مُليكةَ، وعكرمةُ بن خالدٍ، وعَمْرُو بن شُعيبٍ، وقتادةُ، وأيوبُ بن موسى، وإسماعيل بن أُميَّةَ، فكسَفتِ الشمسُ بعدَ العصرِ، فقاموا قيامًا يَدعُون اللهَ بعدَ العصرِ في المسجدِ، فقلتُ


(١) وذكر هذه الرواية الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٧٩، وانظر: بداية المجتهد لابن رشد ١/ ٢٢١.
(٢) المدونة ١/ ٢٤٢، وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>