للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأيُّوبَ بن موسى: ما لهم لا يُصَلُّون وقد صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الكُسُوفِ؟ فقال: النَّهْيُ قد جاء عن الصلاةِ بعدَ العصرِ، فلذلك لا يُصلُّون، والنَّهْيُ يَقْطَعُ الأمرَ. ذكره الحُلوانيُّ، عن ابن أبي مريمَ وأبي صالحٍ كاتبِ اللَّيثِ جميعًا، عن اللَّيثِ (١).

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه والطبريُّ: لا تُصَلَّى صلاةُ الكسوفِ في الأوقاتِ المنهِيِّ عن الصلاةِ فيها (٢).

وقال الشافعِيُّ: تُصلَّى نصفَ النهارِ، وبعدَ العصرِ، وفي كلِّ وقتٍ. وهو قولُ أبي ثورٍ. وقال إسحاقُ: تُصَلَّى في كلِّ وقتٍ إلّا في حينِ الطُّلوع والغروبِ (٣). والنَّهْيُ عندَ الشافعيِّ عن الصلاةِ بعدَ العصرِ إنّما هو على التَّطوُّع المُبْتَدأ، فَأمّا الفرائضُ والسُّننُ وما كان من عادةِ المرءِ أنْ يُصلِّيَه فلا (٤). وسيأتي اختلافُهم في هذا المعنَى في موضعِه من هذا الديوان إن شاء اللهُ، بحجَّةِ كلِّ واحدٍ منهم، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلّا بالله.

وقال إسحاقُ بن راهُوية في صلاةِ الكسوفِ: إن شاء أربعَ ركَعاتٍ في رَكْعَتَيْنِ، وإن شاءَ سِتَّ ركَعاتٍ في رَكْعَتَيْن، كلُّ ذلك مُؤتلِفٌ يُصَدِّقُ بعضُه بعضًا؛ لأنّه إنّما كان يزيدُ في الركوعِ إذا لم يرَ الشمسَ قد تَجَلَّت، فإذا تَجَلَّت، سجَد. قال: فمِن ههنا زيادةُ الرَّكَعاتِ، ولا يُجاوِزُ بذلك أربعَ رَكَعاتٍ في كلِّ ركعةٍ؛ لأنَّه لم يأْتِنا عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أكثرُ من ذلك (٥).


(١) وذكره عنه والذي قبله الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٩/ ١٩١.
(٢) ينظر المبسوط للسرخسي ٢/ ٧٦.
(٣) ذكر جملة هذه الأقوال عنهم ابن المنذر في الأوسط ٥/ ٣١٣، والطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٨٠. وانظر المجموع شرح المهذب للنووي ٥/ ٦١.
(٤) انظر: المجموع شرح المهذب للنووي ٥/ ٦١، والمغني لابن قدامة ٢/ ٣١٦.
(٥) نقله عنه ابن المنذر في الأوسط ٥/ ٣٠٢ بإثر الحديث (٢٩٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>