للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: رُوِيَ من حديثِ أُبيِّ بن كعب (١)، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، خمسُ رَكَعاتٍ - على ما قدَّمنا ذكْرَه - في كلِّ ركعةٍ، وهو حديثٌ لَيِّنٌ. ومثلُه رُوِيَ عن عليٍّ رحِمه اللهُ، أنّه صلَّى في الكُسُوفِ خمسَ رَكَعاتٍ، وسجَد سجدَتَيْن، ثم قام، ففعَل في الرَّكعةِ الثانيةِ مثلَ ذلك (٢). ورُوِيَ عن الحسنِ مثلُ ذلك (٣). وأصحُّ شيءٍ في هذا البابِ حديثُ ابن عباسٍ وعائشةَ، أربعُ رَكَعاتٍ في أربعِ سَجَداتٍ، واللهُ أعلمُ.

وقد رُوِيَ عن أحمدَ بن حنبل، وقاله جماعةٌ من أصحابِ الشافعيِّ: أنّ الآثارَ المرويَّةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاةِ الكسوفِ كلُّها حسانٌ، وبأيِّها عَمِل الناسُ جازَ عنهم. إلّا أنّ الاختيارَ عندَهم ما في حديثِ ابن عباسٍ هذا وما كان مثلَه (٤).

واختلَفوا أيضًا في صلاةِ كسوفِ القمرِ؛ فقال العراقيُّون ومالكٌ وأصحابُه: لا يُجمَعُ في صلاةِ كسوفِ القمرِ، ولكن يُصَلِّي الناسُ أفْذاذًا رَكْعَتَيْنِ كسائرِ الصَّلواتِ (٥). والحُجَّةُ لهم قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "صلاةُ المرءِ في بَيْتِه أفضلُ إلّا المكتوبةَ" (٦).

وخَصَّ صلاةَ كُسوفِ الشمسِ بالجَمْعِ لها، ولم يفعلْ ذلك في كسوفِ القمرِ، فخرَجتْ صلاةُ كسوفِ الشمس بدليلِها وما ورَد من التوفيقِ فيها، وبقِيَتْ صلاةُ كسوفِ القمر على أصل ما عليه النوافلُ.


(١) في ك ٢: "أبي هريرة" وهو خطأ، والمثبت من بقية النسخ وهو من زيادة عبد الله بن أحمد على مسند أبيه ٣٥/ ١٤٨ (٢١٢٢٥).
(٢) ضعيف كسابقه، أخرجه البزار في مسنده (٦٢٨)، وابن المنذر في الأوسط (٢٩٠٧).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٨٣٩٢). وذكره ابن المنذر في الأوسط ٥/ ٣٠٢ بإثر حديث عليٍّ.
(٤) ينظر: المغني لابن قدامة ٢/ ٣١٦، والمجموع شرح المهذب للنووي ٢/ ٦٢ - ٦٣.
(٥) ينظر الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ٦٢٠، وقال الطحاوي: "لا يصلُّون جماعةً، وهو قول مالكٍ، ويُصلِّيها المنفرد كهيئة صلاتنا" (مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٨٢).
(٦) أخرجه البخاري (٧٢٩٠) من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>