للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال اللَّيثُ بن سعدٍ: لا يُجمَعُ في صلاةِ كسوفِ القمرِ، ولكنَّ الصلاةَ فيها كهيئةِ الصلاةِ في كُسوف الشمسِ. وهو قولُ عبدِ العزيزِ بن أبي سلمةَ. ذكَره ابن وَهْبٍ عنه (١)، وقال ذلك لقولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -:"إذا رأيتُم ذلك بهما فافزَعوا إلى الصلاةِ". وقال الشافعيُّ وأصحابُه، وأهلُ الحديثِ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ، وداودُ، والطبريُّ: الصلاةُ في كسوفِ القَمَرِ كهيَ في كسوفِ الشمسِ سواءً (٢). وهو قولُ الحسنِ، وإبراهيمَ، وعطاءٍ (٣)؛ وحجَّتُهم في ذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديثِ: "إنّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ الله، لا يَخسِفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، فإذا رأيتُم ذلك فاذكُروا اللهَ" (٤). قال الشافعيُّ رحِمه اللهُ: فكان الذِّكرُ الذي فَزِع إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عندَ كسوفِ الشمسِ هو الصلاةَ المذكورةَ، فكذلك خسوفُ القمرِ، تُجمَعُ الصلاةُ عندَه على حسَبِ الصلاةِ عندَ كسوفِ الشمسِ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد جمَع بينَهما في الذِّكرِ، ولم يَخُصَّ إحداهما من الأُخرَى بشيءٍ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ الله، لا يَخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، فإذا رأيتُم ذلك فصلُّوا وادعُوا" (٥). وروَى عبدُ الله بن عباسٍ عنه، أنّه قال: "فافزَعوا إلى الصلاةِ إذا رأيتُم ذلك" (٦). وعَرَّفنا كيف الصلاةُ عندَ إحداهما، فكان في ليلًا على الصلاةِ عندَ الأخرَى.


(١) ونقله عنهما الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٨٢.
(٢) المصدر السابق ١/ ٣٨٢، وينظر: نهاية المطلب في دراية المذهب لإمام الحرمين الجويني ٢/ ٦٤٣.
(٣) إبراهيم هو النخعي، وأثر عطاء عند عبد الرزاق في المصنف (٤٩٣٧) و (٤٩٤٠).
(٤) سلف تخريجه.
(٥) الأم للشافعي ١/ ٢٧٧ (ط. دار المعرفة).
(٦) إسناده ضعيف جدًّا، فهو من رواية إبراهيم بن محمد الأسلمي وهو متروك. أخرجه الشافعي في الأم ١/ ٢٧٧ عن إبراهيم بن محمد - وهو ابن أبي يحيى الأسلمي - عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن الحسن عن ابن عباس، ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في الكبرى ٣/ ٤٧٠ وفي معرفة السنن والآثار ٥/ ١٥٥، ولفظه: "فإذا رأيتم شيئًا منهما كاسفًا فليكن فَزَعُكم إلى الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>