للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى انتهَى بصرُه إلى العرشِ، وفُرِجَتْ له الأرَضون السبعُ فنظَر إلى ما فيهنَّ؛ ذكَره حجَّاج، عن ابن جُريج، قال: أخبَرني القاسمُ بن أبي بزَّةَ، عن مجاهدٍ (١).

وذكَره معمر، عن قتادةَ، قال: ملكوتُ السَّماواتِ: الشمسُ، والقمرُ، والنجومُ، وملكوتُ الأرضِ: الجبالُ، والشجرُ، والبحارُ (٢).

والظاهرُ في هذا الحديثِ أنه رأى الجنةَ والنارَ رُؤيةَ عينٍ، واللهُ أعلمُ، وتناوَل من الجنةِ عنقودًا على ما ذكَر - صلى الله عليه وسلم -، ويؤيِّدُ ذلك قولُه: "فلم أرَ كاليوم منظرًا قطُّ". فالظاهرُ الأغلبُ أنّها رُؤيةُ عينٍ (٣)؛ لأنّ الرَّؤيةَ والنَّظرَ إذا أُطلِقا فحقُّهما أنْ يُضافَا إلى رُؤيةِ العينِ إلّا بدليل لا يَحتمِلُ تَأويلًا، وإلّا فظاهرُ الكلام وحقيقتُه أوْلى، إذا لم يَمنعْ منه مانع دليلٌ يجبُ التسليمُ له.

وفي الحديث أيضًا من ذكرِ الجنةِ والنارِ دليلٌ على أنّهما مخلوقتان، وعلى ذلك جماعةُ أهل العلم، وأنّهما لا يَبيدانِ من بين سائرِ المخلوقات، وأهلُ البدعِ يُنكرون ذلك. وأمّا قوله في العنقود: "ولو أخَذتُه لأكلتُم منه ما بقيَتِ الدنيا". فكما قال - صلى الله عليه وسلم -.

حدثني أحمدُ بن عمرَ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن محمد بن عليٍّ، قال: حدَّثنا محمدُ بن فُطيس، قال: حدَّثنا محمدُ بن إسحاقَ السِّجسيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الرزاق، قال: أخبَرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عَمْرو بن يزيد (٤) البِكَاليِّ، عن


(١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٩/ ٣٥٠ (ط. شاكر) من طريق حجّاج، به.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٥٥، وابن جرير الطبري في تفسيره ٩/ ٣٥٢ من طريق معمر، به.
(٣) ويؤيِّد هذا حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما عند البخاري (٧٤٥)، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قد دَنَت منّي الجنّةُ، حتّى لو اجترأتُ عليها لجئتكم بقِطافٍ من قِطافها"، وانظر توجيه الروايات الأخرى الواردة في هذا المعنى: فتح الباري للحافظ ابن حجر ٢/ ٥٤١.
(٤) هكذا في النسخ، ووقع في السنة لابن أبي عاصم (٧١٥): عمرو بن زيد، وفي مسند الإمام أحمد والسنة لابن أبي عاصم (٧١٦): "عامر بن زيد"، وهو الأصوب إن شاء الله، فهو كذلك في تاريخ البخاري الكبير ٦/ ٤٥٢، والجرح والتعديل ٦/ ٣٢٠، وثقات ابن حبان ٥/ ١٩١، وإكمال ابن ماكولا ١/ ٢٢١، وتعجيل المنفعة للحافظ ابن حجر ١/ ٧٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>