للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيْبَة، قال (١): حدَّثنا يزيدُ، عن أبي سنانٍ، عن ابن أبي الهُذَيْل، عن خَبّاب بن الأرَتِّ، أنّه رأى ابنَه عبدَ الله يَقُصُّ، فلما رجَع اتَّزَر وأخَذ السَّوْطَ، وقال: أمعَ العَمالقَةِ أنتَ؟ هذا قَرْنٌ قد طلَع (٢).

فهذا خبّابٌ قد سمَّى القَصّاصَ قرنًا طالعًا، إنكارًا منه للقَصَص، وخبّابٌ من كبارِ الصحابة رضوانُ الله عليهم، وهم أهلُ الفصاحة والبيان، وإنّما قال ذلك خبّابٌ؛ لأنّ القَصَصَ أُحْدِثَ عليهم، ولم يكونوا يَعرفونه، وكان عبد الله بن عمرَ يُنكِرُه، ويقولُ: لم يكُنْ على عهدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا على عهدِ أبي بكرٍ، ولا على عهدِ عمرَ، ولا على عهد عثمانَ، وإنما كانت القصصُ حين كانت الفِتنةُ (٣). وجائزٌ أنْ يضافَ القرنُ إلى الشيطان؛ لطاعَتِهم في ذلك للشَّيطان، وقد سمَّى اللهُ الكُفّار حزبَ الشيطان، وهذا أعرفُ في اللغة مِن أنْ يُحتاجَ فيه إلى إكْثار.


(١) لم نقف عليه في المصنف عن يزيد، وهو ابن هارون بن زاذان السلمي الثقة المتقن، ولكنه في المصنف (٢٦٧٢١) عن شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - عن أبي سنان - وهو ضرار بن مرة الشيباني، به. وإسناده حسن من أجل شريك فهو حسن الحديث عند المتابعة. وابن أبي الهذيل الراوي عن خبّاب رضي الله عنه: هو عبد الله بن أبي الهذيل العَنَزيّ الشّيباني، ثقة.
ورواه ابن أبي شيبة أيضًا (٢٦٧١٧) عن وكيع عن سفيان، عن أبي سنان، به.
(٢) معناه: هذه بدعة قد ظهرت، وأمرٌ قد أُحدثَ لم يكن في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ضُرب المَثَل به، وذلك أنّ القرن في الحيوان إنما هو شيء يحدث لها ويطلع بعد أن لم يكن؛ قاله الخطابيّ في "غريب الحديث" ٢/ ٢٩٥، وبنحوه قال ابن الأثير في "النهاية" ٤/ ٥٢ وأضاف: يعني: القُصّاص. وفي مصنف ابن أبي شيبة: "عند قاص" بدلًا من: "وهو يقص".
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢٦٧١٤)، وابن حبان في صحيحه ١٤/ ١٥٦ (٦٢٦١) من طريقين عن سفيان - وهو الثوري - عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، وإسناده صحيح. وهو عند ابن ماجة (٣٧٥٤) من طريق عبد الله بن عمر العُمري، عن نافع به، وعبد الله ضعيف، لكنه صحيح من رواية أخيه عبيد الله الثقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>