للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا الحَسَنُ بن عليٍّ، قال: حدَّثنا يَزيدُ بن هارونَ، قال: أخبَرنا عبّاد بن منصورٍ، عن عكرمةَ بن خالدٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، أنّه رأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتَوضَّأُ. فذكَر الحديثَ كلّه ثلاثًا ثلاثًا، وفيه: قال: ومسَح برأسِه وأُذنَيْه مَسْحَةً واحدةً.

وأكثرُ الآثارِ على هذا وقد يَحتَمِلُ أنّه مسَح رَأسَه مرّةً واحدةً، وأُذنَيْه مرّةً واحدةً؛ لأنه ذكَر الوضوءَ ثلاثًا ثلاثًا إلّا الرأسَ والأُذنَين.

وحُجَّةُ مَن قال: يُغْسَلُ باطِنُهما مع الوَجْه، ويُمْسَحُ ظاهِرُهما مع الرأس: أنّ اللهَ قد أمَرَ بغَسْلِ الوَجْهِ، وهو مَأخُوذٌ من المُواجَهَة، فكُلُّ ما وَقَعَ عليه اسمُ وَجْهٍ وجَبَ عليه غَسْلُه، وأمَر عزَّ وجلَّ بمَسْحِ الرأس، وما لم يُواجِهْك من الأُذنَين فمِن الرأس؛ لأنّهما في الرّأس، فوَجَب المَسْحُ على ما لم يُواجَهْ منهما مع الرأس.

قال أبو عُمر: هذا قولٌ تَرُدُّه الآثارُ الثابتةُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنّه كانَ يَمسحُ ظُهورَ أُذنَيه وبُطُونَهما - من حديث عليٍّ، وعثمانَ (١)، وابن عباس، والرُّبَيِّع بنتِ مُعُوِّذ، وغيرِهم.

وحُجَّةُ ابن شهابٍ في أنّهما من الوَجْه (٢)؛ لأنّ ما لم يَنْبُتْ عليه الشَّعَرُ فهو من الوَجْهِ لا من الرأس إذا أدْرَكَتْه المواجهةُ ولم يكنْ قَفًا، والله قد أمَرَ بغَسْلِ الوَجْهِ أمْرًا مُطلقًا. ويُمْكنُ أنْ يُحْتَجَّ له بحديثِ ابن أبي مُلَيكَةَ أنّه رأى عثمانَ بن عفانَ، فذكَر صفَةَ وضُوءِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا ثلاثًا. قال: ثم أدْخَلَ يَدَه فأخَذَ ماءً فمَسَحَ به رأسَهُ وأُذنَيْه، فغَسَلَ ظُهُورَهما وبُطُونَهما (٣).


(١) وحديث عثمان عند البخاري (١٥٩)، ومسلم (٢٢٦) من رواية حُمْرانَ مولى عثمان: أن عثمان بن عفّان رضي الله عنه دعا بوضوء فتوضأ، فذكراه.
(٢) نقله عنه ابن المنذر في الأوسط ٢/ ٤٧.
(٣) إسناده ضعيف، سعيد بن زياد المؤذن مقبول حيث يتابع، وإلا فضعيف، ولم يتابع. =

<<  <  ج: ص:  >  >>