للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكر: قيل له - يعني أحمدَ بن حنبل -: فالرجلُ يذكُرُ الرجلَ فيقولُ: إنّه مُحتاجٌ؟ فقال: هذا تعريضٌ، وليس به بأسٌ، إنّما المسألةُ أنْ تقولَ: أعْطِه. ثم قال: لا يُعْجِبُني أنْ يَسألَ المرءُ لنَفسِه، فكيفَ لغيرِه؟ والتَّعريضُ هاهنا أعجَبُ إليّ (١).

قلت لأبي عبد الله: رجلٌ سأل وهو ممّن تَحِلُّ له المسألةُ، فجاءَه رجلٌ بمئة درهمٍ؟ فقال: هذا رزقٌ ساقَه اللهُ إليه، فإن كان من الزَّكاة، فهذا يَضيقُ على المُعطي والمعطَى، وإن كان من عُرْض مالِه فلا بأسَ به.

قال أبو عبد الله: لا يَأخُذُ من الصدقةِ من له خمسون درهمًا، ولا يأخُذُ منها أكثرَ من خمسين درهمًا. قيل له: وما الأصلُ في أنْ لا يُعطَى أكثرَ من خمسين؟ قال: لأنّه إذا أخَذ خمسين صارَ غنيًّا، إلّا أن يكونَ له عِيالٌ، أو يكونَ غارِمًا، أو يكونَ عليه دَيْنٌ (٢). ثم قال: حديثُ عبد الله بن مسعودٍ في هذا حديثٌ حسنٌ (٣)، وإليه نَذهَبُ في الصدقة. قلت له: ورَواه زُبَيْدٌ أو هو لحكيم بن جُبير فقط؟ فقال: رواه زُبَيدٌ فيما قال يحيى بن آدم: سمِعتُ سفيانَ يقولُ: حدَّثنا زُبَيْدٌ، عن محمدِ بن عبد الرحمن بن يزيدَ. قلتُ لأبي عبد الله: لم يُخبِرْ (٤) به محمدُ بن عبد الرحمن؟ فقال: لا (٥).

قال: وسمِعْتُه، وذكَر حديثَ أبي سعيد الخُدريِّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ سأل وله أُوقيّةٌ، أو قيمَةُ أُوقيّةٍ، فهو مُلحِفٌ" (٦). فقال: هذا يُقَوِّي حديثَ


(١) أورده القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٣٤٤.
(٢) ينظر: مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود ص ١١٨، والمغني لابن قدامة ٢/ ٤٩٦.
(٣) حديث ابن مسعود سلف تخريجه.
(٤) في ط: "يخرجه"، خطأ، ويعني: أنه رواه مرسلًا.
(٥) ينظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله ص ١٥٤ (٥٧٠)، والمغني لابن قدامة ٢/ ٤٩٣ - ٤٩٤.
(٦) سلف تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>