للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بُرٍّ (١). وقال أبو رجاء: سمِعْتُ ابنَ عباس يَخطُبُ على مِنبرِكم - يعني منبرَ البَصرة - يقول: صدقةُ الفِطْرِ صاعٌ من طعام (٢). فتأوَّلوه أيضا على أنّه البُرُّ، ولم يَسْمَع الحسنُ ولا ابنُ سيرينَ هذا الحديثَ من ابن عباسٍ، وقد سمِعَه منه أبو رجاء.

وأمّا حديثُ ابن عمرَ فسيَأتي في باب نافع من كتابنا هذا باختلافِ ألفاظِه وتخريجِ معانِيه، ونَذكُرُ هناكَ إن شاء الله أحكامَ زكاةِ الفطرِ، ووُجوبَها على الصغير والكبير، والحُرِّ والعبدِ، وما للعلماءِ في ذلك من التَّنازُعِ والأقاويل بأتَمِّ ما يكونُ، إن شاء الله، ونذكُرُ هاهنا اختلافَهم في مَكيلَةِ صدقةِ الفطرِ، وما الذي يُخْرَجُ فيها من الحبوبِ وأصنافِ المأكولِ أو القيمةِ من العُروضِ وغيرِها، وما لهم في ذلك من الأقاويلِ والاعتلالِ، وباللّه الحولُ وهو المستعانُ.

أجمَع العلماءُ أنّ الشعيرَ والتمرَ لا يُجزئُ من أحدِهما إلّا صاعٌ كاملٌ؛ أربعةُ أمدادٍ بمُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٣). واختلفوا في البُرِّ:

فقال مالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُهما: لا يُجزئُ من البُرِّ ولا من غيرِه أقلُّ


= السنن ٣/ ٧٣ (٢٠٩١)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ١٦٨ (٧٩٦٣) من طريق هشام بن حسان عن ابن سيرين، به. قال البيهقي: "وهذا أيضًا مرسل، محمد بن سيرين لم يسمع من ابن عباس شيئًا إلّا أنه يوافق حديث أبي رجاء العطاردي الموصول عن ابن عباس، فهو أوْلى أن يكون صحيحًا، وما شكَّ فيه الراوي ولا شاهِدَ له، فلا اعتدادَ به، والله أعلم" قلنا: ونقل ابن أبي حاتم في العلل ٢/ ٦٠١ (٦٢٧) عن أبيه قوله: هذا حديث منكر.
(١) ضعيف، أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١٠٤٣٥)، وأحمد في المسند ٣/ ٤٦٣ (٢٠١٨) و ٥/ ٣٢٣ (٣٢٩١)، وأبو داود (١٦٢٢)، والنسائي في المجتبى (٢٥٠٨)، وفي الكبرى ٣/ ٣٩ (٢٢٩٩) من طريق حميد بن عبد الرحمن عن الحسن، به. والحسن لم يسمع ابن عباس، فهو منقطع، ويغني عنه ما بعده.
(٢) أخرجه النسائي في المجتبى (٢٥١٠)، وفي الكبرى ٣/ ٤٠ (٢٣٠١)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ١٦٨ من طريق أيوب السختياني عن أبي رجاء، به. قال النسائي: هذا أثبت الثلاثة.
(٣) ينظر الإجماع لابن المنذر ص ٤٨ (١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>