للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أشهَبُ: وسُئِلَ مالك عن الذي يؤدِّي الشَّعير في زكاةِ الفِطْر، فقال: لا يؤدِّي الشَّعيرَ إلا أن يكون يأكلُه، قيل: فيُنَقِّيهِ؟ قال: لا، بل يؤدِّيه على وَجهِه كما يأكلُه، قيل له: فإنّ الناسَ يقولون: مُدّانِ؟ فقال: القولُ ما قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فذَكَرتُ له الأحاديث التي تُذكر عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في المُدَّيْن من الحِنْطة، فأنكَرها (١).

وقال الشافعيُّ: أيُّ قوتٍ كان الأغلبَ على رجلٍ، أدّى منه زكاة الفطر؛ إنْ كان حنطةً، أو ذُرَةً، أو سُلْتًا، أو شعيرًا، أو تَمْرًا، أو زَبيبًا، أدّى صاعًا بصاعِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يُؤدِّي إلّا الحَبَّ، لا يُؤَدِّي دقيقًا، ولا سَويقًا، ولا قيمةً. قال: فإنْ أدَّى أهلُ البادية الأقِطَ، لم يَبِنْ لي أنّ عليهم إعادةً (٢).

وقال أبو حَنيفةَ: يُؤَدِّي نصفَ صاعٍ من بُرٍّ، أو دقيقٍ، أو سَويقٍ، أو زَبيبٍ، أو صاعًا من تَمْرٍ، أو شعيرٍ. وقال أبو يوسف، ومحمدٌ: الزَّبيبُ بمنزلة التمر والشعير، وما سوَى ذلك يُخرَجُ بالقيمة؛ قيمةِ ما ذكَرْنا من البُرِّ وغيرِه (٣).

وقال الأوزاعيُّ: يُؤَدِّي كلُّ إنسانٍ مُدَّيْن من قمحٍ بمُدِّ أهلِ بلَدِه (٤). وقال


(١) قال ابن العربي بعد أن ساق حديث البخاري "فجعل الناس عدله مُدَّين من حنطة": هذا غير لازم من وجهين، أحدهما: حكم معاوية، ولا يلزم، وقد خالفه أبو سعيد وقوله الحق فإنَّ في الحديث "صاعًا من طعام أو تمر أو شعير أو أقط أو زبيب" أخرجه البخاري (١٥٠٥)، فقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرقبة الطعام وغيره. (المسالك ٤/ ١٤٣ - ١٤٤).
(٢) الأم للشافعي ٢/ ٧٣، وينظر مختصر المزني ٨/ ١٥١، والحاوي الكبير للماوردي ٢/ ٣٧٧، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٤٧٥.
(٣) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ٢/ ٢٤٦ - ٢٥٠، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٤٧٥، والمبسوط للسرخسي ٣/ ١٠١.
(٤) كذا ذكر هنا عن الأوزاعي، ولكن نقل الطحاوي عنه في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٧٥ "أنه يؤدّي كل إنسانٍ مدَّين من قمح بمُدِّ هشام، أو أربعة أمداد من التمر أو الشعير والأقط".
ومرادُه من قوله: "ومُدُّ هشام أوضحه الشافعي في الأمّ ٢/ ٢٠٥ فقال: مُدُّ هشام مُدّ وثُلث بمُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أو مُدّ ونصفٌ. ونقل البيهقي عنه في معرفة السنن ١١/ ١٢٥ (١٥٠٣٠) أنه قال في رواية حرملة عنه: مدُّ هشام بن عبد الملك: هو مدٌّ ونصفٌ بمُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>