للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"كتابه" (١). وقال ابنُ وَهْب: سمِعْتُ مالكًا يقولُ في رجلٍ اشتَرَى قِلالَ خلٍّ، فوجَد فيها قُلَّةَ خَمرٍ، قال: لا يَجْعَلُ فيها شيئًا ليُخَلِّلَها (٢). قال: ولا يَحِلُّ لمُسلم أن يُعالِجَ الخمرَ حتى يَجعلَها خلًّا، ولا يَحِلُّ بيعُها، ولكن يُهَرِيقُها، فإن فاتَ علاجُها، وصارت خلًّا بعدَ أن كانت خمرًا بغير علاج، فإنّها حلالٌ لا بأسَ بها إن شاء الله. قال ابن وَهْب: وهو قولُ عمرَ بن الخطاب، والزهريِّ، وربيعةَ. وكان أبو حنيفةَ، والثوريُّ، والأوزاعي (٣)، واللَّيثُ بن سعدٍ، لا يَرونَ بأسًا بتخليل الخمر (٤).

وقال أبو حنيفةَ: إن طرَح فيها السَّمكَ والملحَ، فصارَتْ مُرِّيًّا (٥)، وتحَوَّلَتْ عن حال الخمرِ، جاز. وخالَفه محمدُ بن الحسنِ في المرِّيِّ، وقال: لا يُعالِجُ الخمرَ بغير تحويلِها إلى الخلِّ وحدَه (٦).

قال أبو عُمر: الصحيحُ عندي في هذه المسألة ما قاله مالكٌ في روايةِ ابن القاسم وابن وَهْبٍ عنه، والدليلُ على ذلك ما رواه الثوريُّ، عن السُّديِّ، عن أبي هُبيرةَ، عن أنسٍ، قال: جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وفي حَجْرِه يَتيمٌ، وكان عندَه


(١) وكذلك ذكرها الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٦٠.
(٢) ينظر المدونة ٣/ ٣٢٣.
(٣) قوله: "والأوزاعي" من ق، وذكره الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٦٠.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٣٦٠.
(٥) المُرِّيُّ: بتشديد الراء والياء، قال النووي: منسوب إلى المرارة، ونقل عن ابن بطال قوله: والعامّةُ تُخفِّفه، وصفتُه: أن يؤخذ الشعير فيُقلى ثم يُطحن ويُعجن ويُخمَّر، ثم يُخلط بالماء، فيُستخرج منه خلٌّ يضرب لونه إلى الحُمرة يؤتدم به ويُطبخ به. المجموع شرح المهذب ١٨/ ٦٨، وينظر الصحاح (مرر).
(٦) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٣٥٩، والمغني لابن قدامة ٩/ ١٧٢، وبدائع الصنائع للكاساني ٥/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>