للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يأمُرُه أنْ يُخَلِّلَها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نِعْمَ الإدامُ الخَلَّ" (١).

ولأنه - صلى الله عليه وسلم - أنْصحُ الناسِ للناسِ، وأدَلُّهم على قليل الخيرِ وكثيرِه.

وذكَر ابنُ وضَّاح أنّ سُحْنُونًا كان يذْهَبُ هذا المذهب (٢).

وقد اختلَف الفقهاءُ في تخليل الخمر؛ فقال مالكٌ فيما روَى عنه ابنُ القاسم وابنُ وَهْبٍ: لا يَحِلُّ لمسلم أنْ يُخَلِّلَ الخَمْرَ، ولكنْ يُهَرِيقُها، فإن صارَتْ خلًّا بغيرِ علاجٍ فهو حلالٌ لا بأسَ به (٣). وهو قولُ الشافعيِّ (٤)، وعُبيدِ الله بن الحسنِ العَنْبريِّ البَصْري (٥)، وأحمدَ بن حنبل (٦).

وروَى أشْهَبُ، عن مالكٍ، قال: إذا خلَّل النصرانيُّ خمرًا فلا بأسَ بأكْلِه، وكذلك إن خَلَّلَها مسلمٌ واستغفرَ اللهَ. وهذه الروايةُ ذكَرها ابنُ عبد الحكم في


(١) أخرجه أحمد في المسند ٢٢/ ١٣٢ (١٤٢٢٥)، ومسلم (٢٠٥٢) (١٦٧) و (١٦٨)، وأبو داود (٣٨٢١)، والنسائي في المجتبى (٣٧٦٩)، وفي الكبرى ٦/ ٢١٨ (٦٥٩٤) من طرق عن المثنى بن سعيد عن أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، به.
وأخرجه الترمذي (١٨٣٩)، وأبو عوانة ٥/ ١٩٦ (٨٣٧٠) من طريق أبي الزبير عن جابر.
(٢) ينظر: المدوّنة لسحنون ٤/ ٥٢٥.
(٣) ينظر: المدوَّنة ٤/ ١٨٧، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٣٦٠ فيما نقله عن ابن وهب وابن القاسم.
(٤) قال في الأم ٥/ ٥١: "ولو صارت خلًّا من صَنْعَة آدميٍّ أهراقها، ولم يكن له الاستمتاع بها"، وقال الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٦٠: وقياس قول الشافعي: أنها إذا صارت خلًّا بفعل آدميّ لم تؤكل، وإن كانت بغير فعل آدميّ أكل.
(٥) ولكن نقل الطحاوي عنه أنه كره ذلك، قال: "والثوري لا يرى بأسًا بتخليل الخمر، وكذلك قول الليث، وكرهها عبيد الله بن الحسن" مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٦٠.
(٦) قال عبد الله بن الإمام أحمد: "سألت أبي عن الخمر يتّخذ خلًّا؟ قال: لا يعجبني أكرهه، ولا بأس بما أذن الله في فساده. يقول: إذا جعل رجلٌ خمرًا ففسدت هي فلا بأس بأكل الخلِّ منها إذا كان فسادها من عند الله تعالى". مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله، ص ٤٣٣ (١٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>