للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثني عبدُ الوارث بن سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا عُبيدُ بن عبد الواحد، قال: حدَّثنا سعيدُ بن أبي مريمَ، قال: حدّثنا أبو غسّانَ محمدُ بن مُطَرِّفٍ المدنيُّ، قال: حدَّثني زيدُ بن أسلمَ مولَى عمرَ بن الخطاب، عن عبدِ الرحمن بن وَعْلةَ - رجلٌ من أهل مصرَ - أنّه جاءَ إلى عبد الله بن عبّاسٍ فقال: إنّ لنا كُرومًا، فكيف ترَى في بيع الخَمْر؟ فقال ابنُ عباس: رأيْتُ رجلًا من دَوس جاءَ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ الله، إنِّي أهْدَيْتُ لك هدِيّةً. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما هي؟ ". قال: راويةُ خَمْرٍ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "شَعَرْتَ أنّ اللهَ تعالى قد حرَّم الخمرَ بعدَك؟ ". فأمَر الدَّوْسيُّ بها غلامَه يَبيعُها، فلمّا وَلّى بها، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ماذا أمَرْتَ بها؟ ". قال: أمَرْتُ ببَيْعِها. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "شَعَرْتَ أنّ الذي حرَّم شُرْبَها حرَّم بيعَها" (١).

وفي هذا الحديث أيضًا دليلٌ على أنّ الإثمَ مرفوعٌ عمَّن لم يَعلَمْ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]. ومَن أمكَنَه التعلُّمُ ولم يتعَلَّمْ، أثِمَ، واللهُ أعلمُ.

وفي هذا الحديث أيضًا: دليلٌ على أنّ الخمرَ لا يَجوزُ لأحدٍ تخليلُها، ولو جاز تخليلُها ما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِيَدَعَ الرجلَ أن يفْتَحَ المَزَادَتَيْنِ حتى ذهَب ما فيهما، لأنّ الخَلَّ مالٌ، وقد نهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعةِ المال (٢)، بل كان


(١) انفرد المصنف بإخراجه بهذا السياق، وسلف تخريج معناه في أول أحاديث هذا الباب.
(٢) كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ الله يرضى لكم ثلاثًا، ويسخط لكم ثلاثًا؛ يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا ... " وفي آخره قال: "وإضاعة المال، وكثرة السؤال"، أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥٨٩، ٥٩٠ (٨٣٣) عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه مرسلًا، وبرواية أبي مصعب ٢/ ١٦٩ (٢٠٨٩) مسندًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وسيأتي تمام تخريجه مع الكلام عليه في باب سهيل بن أبي صالح من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>