للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي رباحٍ، عن جابرِ بن عبد الله، أنّه سمِع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ عامَ الفتح وهو بمكَّةَ: "إنّ اللهَ حرَّم بيعَ الخَمْرِ، والمَيْتةِ، والخِنْزير، والأصنام".

وحدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، حدَّثنا محمدٌ، حدَّثنا أبو داودَ، قال (١): حدَّثنا أحمدُ بن صالح، قال: حدَّثنا ابنُ وهب، قال: حدَّثنا معاويةُ بن صالح، عن عبدِ الوهابِ بن بُختٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرةَ، قال: "إنّ اللهَ حرَّم الخَمْرَ وثَمَنَها، وحرَّم الميتةَ وثمنَها، وحرَّم الخنزيرَ وثَمَنَه".

وقد أجمَع العلماءُ على تحريم بيع الدم والخَمْر، وفي ذلك دليلٌ على تحريم بيع العَذِرات، وسائرِ النجاسات وما لا يَحِلُّ أكلُه، ولهذا، واللهُ أعلم، كَرِه مالكٌ بيعَ زِبلِ الدَّوابِّ، ورخَّص فيه ابنُ القاسم؛ لِما فيه من المنفعة (٢). والقياسُ ما قاله مالكٌ، وهو مذهبُ الشافعيِّ (٣)، وظاهرُ هذا الحديثِ شاهدٌ لصحَّةِ ذلك، فلم أرَ وجهًا لذكرِ اختلافِ الفقهاءِ في بيع السِّرْجينِ (٤) والزُّبول هاهنا؛ لأنّ كلَّ قولٍ تُعارِضُه السُّنَّةُ وتَدْفَعُه، ولا دليلَ عليه من مثلِها، لا وجهَ له، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} الآية [الأحزاب: ٣٦].


(١) السنن (٣٤٨٥)، ومن طريقه أخرجه أبو عوانة في المستخرج ٣/ ٣٧٢، والدارقطني في السنن ٣/ ٣٨٨ (٢٨١٦)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ١٢ (١١٣٧١)، وهو عند الطبراني في الأوسط ١/ ٤٣ (١١٦) من طريق ابن وهب، به، وإسناده صحيح.
(٢) المدوَّنة ٣/ ١٩٩، وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٩٠.
(٣) ينظر: الأم للشافعي ٦/ ٢٥٨، قال: "لا يجوز بيع العَذِرَة ولا الرَّوث ولا البول؛ كان ذلك من الناس أو من البهائم". قلنا: إنما الكراهة منقولة عن مالك. وينظر في ذلك بتفصيل أوسع: الأوسط لابن المنذر ٢/ ٣٢٠ - ٣٢٥.
(٤) والسِّرجين: من أنواع الزِّبل، قال الجوهري: بالكسر، معرَّب؛ لأنه ليس في الكلام فَعْليل بالفتح. ويقال: سِرْقين. الصحاح (سرجن).

<<  <  ج: ص:  >  >>