للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاء ذكرُ الدِّباغ في هذا الحديث عن ابن عباسٍ من وُجوهٍ صحاحٍ ثابتةٍ. وكان ابنُ شهابٍ يذهَبُ إلى ظاهرِ الحديث في قوله: "إنّما حُرِّم أكْلُها". وكان الليثُ بن سعدٍ يقولُ بقولِ ابن شهاب في ذلك؛ ذكَر الطحاويُّ، قال: وقال الليثُ بن سعدٍ: لا بأسَ ببَيْعِ جلودِ الميْتةِ قبلَ الدِّباغ إذ ثبَتَ أنّ (١) رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أذِنَ في الانتفاعِ بها، والبيعُ من الانتفاع. قال أبو جعفر الطحاويُّ (٢): ولم نَجِدْ عن واحدٍ من العلماءِ جوازَ بيعِ جُلودِ الميْتةِ قبلَ الدِّباغ إلّا عن اللَّيث.

قال أبو عُمر: يَعْني من الفقهاء أئمَّة الفَتوَى بالأمصارِ بعدَ التابعين، وأمّا ابنُ شهاب فذلك عنه صحيحٌ على ما تقدَّم ذِكْرُه (٣)، وهو قولٌ يَأباه جمهورُ العُلماء (٤).

وقد ذكَر ابنُ عبد الحكم عن مالكٍ ما يُشْبِهُ مذهبَ ابن شهابٍ في ذلك، وذكَره ابنُ خُوَيْزِمَنْدَادَ في كتابه عن ابن عبدِ الحكم أيضا، قال: مَن اشتَرى جلدَ ميْتةٍ فدبَغه، وقطَّعه نِعالًا، فلا يَبِعْه حتى يُبَيِّنَ. فهذا يَدُلُّ على أن مذهبَه جوازُ


= وهذا الحديث قد اختلف إسناده فيه على ابن جريج، فقد رواه أبو عاصم عند مسلم (٣٦٤)، وابن الجارود في المنتقى ١/ ٢٢١ (٨٧٣)، والبيهقي في الكبرى ١/ ٢٣ (٧٨)، وحجّاج بن محمد عند النسائي في المجتبى (٤٢٣٣)، وفي الكبرى ٤/ ٣٨١ (٤٥٤٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٦٩ (٢٦٩٦)، وابن حبّان في صحيحه ٤/ ٩٩ (١٢٨٣)، والطبراني في الكبير ٢٤/ ١٧ (٣٣) كلاهما عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار، قال: أخبرني عطاء عن ابن عباس عن ميمونة. كما رواه يحيى بن سعيد عند أحمد ٣/ ٤٥٦ (٢٠٠٣) عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس فجعله من حديثه، وقد صرّح فيه ابن جريج بالتحديث من عطاء، ولم يصرح فيه عند الدارقطني ١/ ٦٢ (١٠٥).
(١) في ق: "إذا يبست لأنَّ".
(٢) في مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٦٠، ١٦١، وينظر ما سلف ص ٢٢٦.
(٣) ينظر ما سلف.
(٤) في ط: "الفقهاء"، والمثبت من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>