للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإليه ذهَب ابنُ وَهْبٍ صاحبُ مالكٍ. كلُّ هؤلاء يقولون: دِباغُ الإهاب طَهورُ؛ للصلاةِ، والوضوء، والبيع، وكلِّ شيء (١).

ذكر ابن وَهْب في "مُوطَّئه"، عن ابن لَهيعةَ وحَيْوةَ بن شُريحٍ جميعًا، عن خالدِ بن أبي عِمْرانَ، قال: سألتُ القاسمَ بن محمد وسالمَ بن عبدِ الله عن جُلُود الميتةِ إذا دُبِغَت؛ أيَحِلُّ ما جُعِلَ فيها؟ قالا: نعم، وَيحِلُّ ثمَنُها إذا بَيَّنْتَ ممّا كانت (٢).

قال ابنُ وَهْب: وأخبَرنا محمدُ بن عَمْرٍو، عن ابن جُريج، قال: قلتُ لعطاءٍ (٣): الفَرْوُ من جُلُودِ الميتةِ، يُصَلَّى فيه؟ قال: نعم، وما بَأْسُه وقد دُبغ (٤).

قال ابن وَهْبٍ: وسمِعْتُ الليثَ بن سعدٍ يقولُ: لا بأسَ بالصلاة في جُلُودِ الميْتةِ إذا دُبِغَتْ، ولا بأسَ بالنِّعال من جلودِ الميتةِ إذا دُبِغَتْ، ولا بأسَ بالاسْتِقاءِ بها، والشُّرْبِ منها، والوضوءِ فيها.

قال أبو عُمر: فهذه الروايةُ عن اللَّيثِ خلافُ ما تقدَّم عنه في أول هذا الباب، وإذا كان يُجيزُ الانتفاعَ بها قبلَ الدِّباغ، فهو أحرَى وأولَى بمثل هذا مِن القول فيها بعدَ الدِّباغ.

قال ابنُ وَهْب: وقال يحيى بن سعيدٍ: لقد بلَغني أنّ بعضَ الناسِ يرَى بيعَها وإنْ لم تُدْبَغْ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَر أنْ يُنْتَفَعَ بها.


(١) ينظر: الأوسط لابن المنذر ٢/ ٣٩٠ - ٤٠٤، والمغني لابن قدامة ١/ ٥١ - ٥٢، والمجموع شرح المهذب للنووي ١/ ٢٤٥ - ٢٤٦.
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار، مسند ابن عباس ٢/ ٨٣٢ (١٢٣٦) من طريق ابن وهب، به. وفيه عنده بلفظ "إذا بانت" بدل "إذا بيَّنت".
(٣) هو عطاء بن أبي رباح كما في تهذيب الآثار لابن جرير ٢/ ٨٣٢ (١٢٣٦).
(٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار، مسند ابن عباس ٢/ ٨٣٢ (١٢٣٧) من طريق ابن وهب، به، وفيه عنده بلفظ "وما شأنه قد دُبغ" بدل "وما بأسُه قد دُبغ".

<<  <  ج: ص:  >  >>