للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وحدَّثنا إبراهيمُ بن الحسنِ العلّافُ، قال: حدَّثنا حمّادُ بن زيدٍ، عن يحيى بن سعيدٍ الأنصاريِّ، قال: لا يُختلَفُ عندَنا بالمدينة أنّ دِباغَ جلودِ الميتةِ طَهورُها. قال: وقد رُوي عن الزهريِّ مثلُ ذلك.

حدَّثنا محمدُ بن يحيى، قال: حدَّثنا الوليدُ بن الوليدِ بن زيدٍ العَنْسِيُّ (١)، مولًى لهم، دمَشْقيٌّ، قال: سألتُ الأوزاعيَّ عن جلودِ الميتة، فقال: حدَّثني الزُّهريُّ أنّ دِباغَها طَهورُها (٢).

قال أبو عبد الله: وكذلك قال الأوزاعيُّ والليثُ بن سعدٍ، وهو قولُ سفيانَ الثوريِّ وأهل الكوفة، وكذلك قال الشافعيُّ وأصحابُه، وابنُ المبارك، وإسحاقٌ بن إبراهيمَ، وهو قولُ مالك بن أنسٍ، إلّا أنّ مالكًا من بين هؤلاء كان يُرَخِّصُ في الانتفاع بها بعدَ الدِّباغ، ولا يرَى الصلاةَ فيها، وَيكْرَهُ بَيعَها وشِراءَها.

قال أبو عبد الله: وسائرُ مَن ذكَرنا جعَلها طاهرةً بعدَ الدِّباغ، وأطلَق الانتفاعَ بها في كلِّ شيءٍ، وهو القولُ الذي نَخْتارُه، ونَذهبُ إليه.

قال أبو عُمر: قولُه: أطلَق الانتفاعَ بها في كلِّ شيءٍ، يعني: الوُضوءَ فيها، والصلاةَ فيها، وبيعَها وشِراءَها، وسائرَ وُجوهِ الانتفاع بها وبثَمنِها كجلودِ المذكَّاةِ سواءً، وعلى هذا أكثرُ أهل العلم بالحجاز والعراق من أهل الفقهِ والحديث. وممّن قال بهذا: الثوريُّ، والأوزاعيُّ، وعبيدُ الله بن الحسن العَنْبَريُّ، والحسنُ بن حَيٍّ، وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ، وأصحابُهما. وهو قولُ داودَ بن عليٍّ والطبريِّ.


(١) وقع في بعض النسخ وتاريخ دمشق لابن عساكر ٦٣/ ٣٠٥: "العَبْسي"، والصواب ما أثبتناه كما جاء في العديد من المصادر ومنها الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٩/ ١٩، والمجروحين لابن حبان ٣/ ٨١، والضعفاء لأبي نعيم ١/ ١٥٧، وتاريخ الإسلام ٥/ ٤٧٦ وغيرها.
(٢) نقله عنه ابن المنذر في الأوسط ٢/ ٣٩٩ قال: روّينا من حديث الوليد بن الوليد الدِّمشقي عن الأوزاعي عن الزُّهري: أنّ دباغَها طَهُورُها.

<<  <  ج: ص:  >  >>