للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا صفةُ السُّتْرةِ، وقدرُها في ارتفاعِها وغِلَظِها، فقد اختَلَف العلماءُ في ذلك؛ فقال مالكٌ: أقلُّ ما يُجْزِئُ في السُّترةِ غلظُ الرُّمْحِ، وكذلك السَّوْطُ والعَصا، وارتفاعُها قَدْرُ عَظْمِ الذِّراع، هذا أقلُّ ما يُجزئُ عنده (١). وهو قولُ الشافعيِّ في ذلك كلِّه (٢).

وقال الثوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُه: أقلُّ السُّترة قَدْرُ مُؤخِرَةِ الرَّحل، ويكونُ ارتفاعُها على ظَهْرِ الأرضِ ذراعًا (٣). وهو قولُ عطاءٍ (٤). وقال قتادةُ: ذِراعٌ وشبرٌ (٥).

وقال الأوزاعيُّ: قَدرُ مُؤخِرَةِ الرَّحْلِ. ولم يَحُدَّ ذِراعًا، ولا عَظْمَ ذراع، ولا غيرَ ذلك، وقال: يُجْزِئُ السَّهْمُ، والسَّوْطُ، والسَّيفُ. يعني في الغِلَظ (٦).

واختلَفوا فيما يُعْرَضُ ولا يُنْصبُ، وفي الخطِّ، فكُلُّ من ذكَرنا قولَه أنّه لا يُجْزِئُ عندَه أقلُّ من عَظْمِ الذِّراع، أو أقلُّ من ذراع، لا يُجيزُ الخَطَّ، ولا أنْ يَعْرِضَ العَصا والعُودَ في الأرضِ فيُصَلِّيَ إليهما، وهم: مالكٌ، واللَّيثُ، وأبو حنيفةَ


(١) ينظر: المدوَّنة ١/ ٢٠٢، والبيان والتحصيل ١/ ٤٧٣.
(٢) ينظر: المجموع شرح المهذب للنووي ٣/ ٢٤٨، وبداية المجتهد لابن رشد ١/ ١٢١.
(٣) ينظر الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ١٩٧، والمبسوط للسرخسي ١/ ١٩٠، وبدائع الصنائع للكاساني ١/ ٢١٧.
(٤) أخرجه أبو داود في سننه (٦٨٦) من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عنه قال: "آخِرَةُ الرَّحْل: ذراعٌ فما فوقَه". وقال النووي في المجموع ٣/ ٢٤٦: رواه عنه أبو داود في سننه بإسناد صحيح، وهو عطاء بن أبي رباح.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٢/ ١٤ (٢٢٩٨) عن معمر قال: سمعت قتادةَ سُئل عن القَصَبة، والقَصَبُ: جعل الرَّجلُ بين يديه وهو يُصلّي، قال: يَستُر، إذا كان ذراعًا وشِبْرًا. وهو في السنن الكبرى للبيهقي ٢/ ٢٦٩ (٣٥٩٢).
(٦) نقله عنه ابن قدامة في المغني ٢/ ١٧٥، وابن رجب الحنبلي في فتح الباري له ٤/ ٣٣، ونقل ابن قدامة عن أحمد قوله: وما كان أعرض فهو أحبُّ إليَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>