للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقالُ منه: تغَنَّيْتُ بما رزَقَني اللهُ تَغَنِّيًا، وتَغَانَيْتُ تَغانِيًا، واسْتَغْنَيْتُ استِغناءً.

كلُّ ذلك قد قالَتْه العربُ في ذلك، قال الشاعر:

كلانا غَنِيٌّ عن أخيه حَياتَه ... ونحن إذا مِتْنا أشدُّ تَغانِيا (١)

وقال الأعشى (٢):

وكنتُ امْرَأً زمَنًا بالعراقْ ... عفيفَ المناخ طويلَ التَّغَنْ

وعلى هذا المعنى كان ابنُ عُيينةَ رحمه الله يُفسر قولَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منّا من لم يَتَغَنَّ بالقرآن" (٣)، يقولُ: يَسْتَغْني به (٤).

وأمّا قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "ولم يَنسَ حقَّ الله في رقابِها"، فللعلماءِ في ذلك ثلاثةُ أقوالٍ:

قال منهم قائلون: معناه حُسنُ مِلْكَتها، وتَعَهُّدُ شِبَعِها، والإحسانُ إليها، ورُكوبُها غيرَ مَشْقوقٍ عليها، كما جاء في الحديث: "لا تتَّخِذوا ظُهُورَها كراسيَّ" (٥).


(١) البيت في غريب الحديث لأبي عبيد ٢/ ١٧٢، وفي الصحاح واللسان مادة (غوى) وعزوه للمغيرة بن جبناء التميمي، وهو في ديوان الشافعي ص ١٢٢، وعزاه المبرّد في الكامل ١/ ١٧٢، وابن عبد ربّه في العقد الفريد ٢/ ١٩٤ لعبد الله بن معاوية بن جعفر، وقيل في نسبته غير ذلك كما في الأغاني ١٣/ ١٢٨، وذيل الأمالي، ص ٧٣.
(٢) ديوانه، ص ٢٥.
(٣) أخرجه البخاري (٧٥٢٧) من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) قول سفيان بن عيينة هذا لا يُسلَّم له، وقد رده الإمام الشافعي وأنكره، والمراد به: التغنِّي بمنى التطريب، وينظر بلا بد كتابنا: البيان في حكم التغني بالقرآن، فقد فصلنا القول فيه.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٢٤/ ٣٩٩ (١٥٦٣٩)، والدارمي في السنن ٢/ ٣٧١ (٢٦٦٨)، والحارث بن أبي أسامة كما في بغية الباحث ٢/ ٨٣٨ (٨٨٦)، وابن حبان في صحيحه ٢/ ٤٣٧ (٥٦١٩)، وابن خزيمة في صحيحه ٤/ ١٤٢ (٢٥٤٤) من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اركبوا هذه الدوابَّ سالمةً، =

<<  <  ج: ص:  >  >>