للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد رأيتُ أبي يُقَيِّمُ الخيلَ، ثم يَدْفَعُ صدقتَها إلى عمرَ رضي اللهُ عنه (١). وهذا حُجَّةُ أبي حنيفةَ ومعنى قوله، واللهُ أعلمُ. تفَرَّدَ به جُوَيرِيةُ عن مالكٍ.

وأمّا قولُه: "ورجلٌ ربَطها فَخْرًا ورياءً ونِواءً لأهل الإسلام" فالفخرُ والرِّياءُ معروفان، وأمّا النِّواءُ، فهو مصدرُ: ناوَأْتُ الرَّجل (٢) مُناوأةً وبواءً، وهي المُساماةُ (٣)، قال أهلُ اللغة: أصلُه من: ناءَ إليكَ ونُؤْتَ إليه، أي: نهَض إليكَ ونَهَضْتَ إليه، قال بشرُ بن أبي خازم (٤):

بَلَّتْ قُتيبةُ في النِّواءِ بفارسٍ ... لا طائشٍ رَعِشٍ ولا وقَّافِ

وقال أعشَى باهِلَة (٥):

إمّا يُصِبْكَ عدوٌّ في مُناوَأةٍ ... يومًا فقد كنتَ تستَعْلي وتَنْتَصِرُ

وقال أوسُ بن حُجرٍ (٦):

إذا أنتَ ناوأتَ الرِّجالَ فلم تَنُؤْ ... بقَرْنَيْنِ عَزَّتْكَ القرونُ الكَواملُ


(١) أخرجه الدارقطني في غرائب مالك كما في الدراية تخريج أحاديث الهداية للحافظ ابن حجر ١/ ٢٥٥ (٣٢٥)، وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٥/ ٣٢٦ (٢٨٦٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٢٦ (٣٠٤٠)، وفي أحكام القرآن ١/ ٣١٨ (٦٣٤) من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء، به.
(٢) في د ١: "العدو".
(٣) والمُساماةُ: المُفاخَرَة. ومنه حديث عائشة رضي الله عنها في قصّة الإفك في حقِّ زينب رضي الله عنها: "وهي التي كانت تُساميني" أي: تُضاهيني بجمالها ومكانتها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه البخاري (٢٦٦١)، ومسلم (٢٧٧٠) من حديثها. وانظر تاج العروس (سمو).
(٤) ديوانه ص ١٦٠.
(٥) وإليه عزاه عبد الملك بن قُريب الأصمعي في الأصمعيات ص ٩٠، واليزيدي في الأمالي ص ١٥، وأبو حيان التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة ص ٢٨٩.
(٦) هذه الأبيات في الحماسة المغربية ٢/ ١٢٣٤ لأبي العباس الجرّاوي وعزاها له، والبيتان الأول والثالث في تهذيب اللغة للأزهري ١٥/ ٣٩٠، ولسان العرب وتاج العروس (نوأ) بلا نسبة لقائل معيّن.

<<  <  ج: ص:  >  >>