للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدَّثني أحمدُ بن عبد الله، قال: حدَّثنا الميمونُ بن حمزةَ الحُسينيُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن سلامةَ الأزديُّ، قال: سمِعتُ إبراهيمَ بن أبي داودَ البُرُلُّسيَّ (١) يقولُ: سمعتُ أحمدَ بن صالحٍ في المسجدِ الجامعِ بمصرَ يقولُ: سألتُ جماعةً من وَلَده ومن رَهْطِه فما اختلَف عليَّ منهم اثنان أنّه بِشْرٌ كما قال الثَّوريُّ (٢).

قال أبو عُمر: في هذا الحديث وُجوهٌ من الفقه:

أحدُها: قولُه - صلى الله عليه وسلم - لمِحْجَنٍ الدِّيليِّ: "ما منعكَ أن تُصَلِّي مع النّاسِ؟ ألستَ برجلٍ مُسلم؟ "، وفي هذا، واللهُ أعلمُ، دليلٌ على أنّ من لا يُصلِّي ليس بمُسلم وإنْ كان مُوحِّدًا، وهذا موضعُ اختلافٍ بين أهل العلم، وتقريرُ هذا الخطاب في هذا الحديثِ أنّ أحدًا لا يكونُ مُسلمًا إلّا أنْ يُصلِّيَ، فمَن لم يُصَلِّ فليسَ بمُسلم.

وفيه أنّ مَن أقرَّ بالصلاةِ وبعملِها وإقامَتِها أنّه يُوكَلُ إلى ذلك إذا قال: إنِّي أُصلِّي؛ لأنّ مِحْجَنًا قال لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: قد صَلَّيْتُ في أهلي، فقَبِل منه.

ولا حُجَّة في هذا الحديث لمن قال: إنّ الإقرارَ بالصَّلاة دُونَ إقامتِها يَحْقِنُ الدَّمِ؛ لأنّه لم يقلْ: إنِّي مؤمنٌ بالصلاةِ مُقِرٌّ بها، غيرَ إنِّي لا أُصلِّي، بل قال لي: قد صَلَّيْتُ. والظاهرُ أنّه لم يُنْجِه إلّا قولُه لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: قد صَلَّيْتُ في أهلي.


(١) هذه النسبة إلى بلدة بمصر قرب الإسكندرية، قيَّدها السمعاني بضم الباء الموحدة والراء واللام، وتابعه ابن الأثير في اللباب. أما ياقوت فقيَّدها بفتح الباء والراء وضم اللام. (معجم البلدان ١/ ٤٠٢)، وكذا ابن نقطة في إكمال الإكمال ١/ ٥٠٢، وضبط السمعاني هو المعتمد.
(٢) ذكر نحو هذا إسماعيل بن يحيى المزني في السنن المأثورة للشافعي ص ١١٥ تحت الحديث (٦)، ونقل عن أبي جعفر الطحاوي ما نصّه: قال أبو جعفر: الناسُ كلُّهم يقولون: بُسر بن مِحْجَن غيرُ الثَّوريِّ فإنه يقول: بِشْرٌ بن مِحْجَن. ثم قال: حدَّثنا أحمد قال: سمعت إبراهيم بن أبي داود البُرُلُّسيَّ يقول؛ فذكره نحو ما ساقه المصنِّف هنا، وفي آخره زيادة: وليس كما قال مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>