للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يَخرجَ وقتُها لغيرِ عُذْرٍ، واصلى من قضائِها وأدائِها وقال: لا أُصلِّي، فهو كافرٌ، ودمُه ومالُه حلالُ، ولا يَرِثُه ورَثَتُه من المُسلمينَ، ويُسْتَتابُ فإنْ تاب، وإلّا قُتِل، وحكمُ مالِه ما وصَفنا كحُكم مالِ المُرتَدِّ (١). وبهذا قال أبو داودَ الطَّيالسيُّ، وأبو خَيثمةَ، وأبو بكر بن أبي شَيْبةَ (٢).

وقال إسحاقُ بن راهُويةَ: وكذلك كان رأيُ أهل العلم من لَدُن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى زماننا هذا: أنّ تاركَ الصلاةِ عمدًا من غير عُذْرٍ حتى يَذهبَ وقتُها كافرٌ إذا أبَى من قَضائِها وقال: لا أُصَلِّيها. قال إسحاقُ: وذهابُ الوقتِ أن يُؤخِّرَ الظهرَ إلى غُروب الشَّمسِ، والمغربَ إلى طُلوع الفَجْر. قال: وقد أجمَع العلماءُ على أنّ من سبَّ الله عزَّ وجلَّ، أو سبَّ رسولَه - صلى الله عليه وسلم -، أو دفَع شيئًا أنزَله اللهُ، أو قتَل نبيًّا من أنبياءِ الله، وهو مع ذلك مُقِرٌّ بما أنزَل اللهُ - أنّه كافرٌ، فكذلكَ تاركُ الصلاةِ حتى يَخرُجَ وقتُها عامدًا. قال: ولقد أجمَعوا في الصلاةِ على شيءٍ لم يُجمِعوا عليه في سائرِ الشَّراع؛ لأنّهم بأجمَعِهم قالوا: مَن عُرِف بالكُفر ثم رَأوْه يُصلِّي الصلاةَ في وقتِها، حتى صلَّى صلواتٍ كثيرةً في وقتِها، ولم يَعلَموا منه إقرارًا باللِّسان، أنّه يُحْكَمُ له بالإيمان، ولم يَحْكُموا له في الصوم والزكاةِ والحجِّ بمثلِ ذلك. قال إسحاقُ: فمَن لم يَجعَلْ تاركَ الصلاةِ كافرًا فقد ناقَض وخالَف أصْلَه وقولَ غيرِه. قال: ولقد كفَر إبليسُ إذْ لم يَسجُد السجدةَ التي أُمِرَ بسُجودِها. قال: وكذلك تاركُ الصلاةِ عمدًا حتى يَذهبَ وقتُها كافرٌ إذا أبَى من قَضائِها (٣). وقال أحمدُ بن حنبل: لا يُكَفَّرُ أحدٌ بذنبٍ إلا تاركُ الصلاةِ عمدًا، ثم ذكَر اسْتِتابتَه وقتلَه (٤).


(١) ينظر: الإقناع لابن المنذر ٢/ ٦٩١، والمقدمات الممهدات لابن رشد ١/ ١٤١.
(٢) نقل ذلك عنهم المروزي في تعظيم قدر الصلاة ٢/ ٩٢٧.
(٣) ينظر تعظيم قدر الصلاة للمروزي ٢/ ٩٢٩.
(٤) نقله عنه المروزي في تعظيم قدر الصلاة ٢/ ٩٢٧، وابن المنذر في الإقناع ٢/ ٦٩١ وزاد نسبة هذا القول لإسحاق بن راهوية أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>