للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنّ الذي صلّى وحدَه لو لم يَدخُل المسجدَ فيُعيدَ مع الجماعةِ لم يَكُنْ عليه شيءٌ، وفي قولِ ابن عمرَ: تُعادُ مع الإمام كلُّ صلاةٍ إلّا المغربَ والفجرَ. دليلٌ على أنّ الأخرى عندَه تطَوُّعٌ وسنّةٌ.

ويَشهدُ لما ذكَرْنا ما رواه ابنُ أبي ذِئبٍ، عن عثمانَ بن عُبيد الله عنه، أنّ الأولَى صلاتُه (١).

وممّا يُصَحِّحُ هذا المذهبَ أيضًا ما رواه أبو ذرٍّ، وأبو هريرةَ (٢)، وجماعةٌ (٣)، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنّه قال: "سيكونُ عليكم بعدِي أمراءُ يُؤَخِّرُونَ الصلاةَ عن مواقِيتِها، فصلُّوا الصلاةَ لوقتِها، واجعَلوا صلاتَكم معهم سُبْحَةً"؛ أي: نافلةً. وحديثُ يزيدَ بن الأسودِ الخزاعيِّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا صلَّيْتُما في رحالِكما ثمّ أتَيْتُما الناسَ وهم يُصلُّون فصَلِّيا معهم، فإنّها لكما نافلةٌ". وهذه الأحاديثُ تدُلُّ على أنّ الأولَى فرضُه والثانيةَ تطوُّعٌ له، وتدُلُّ أيضًا على أن إعادةَ الصلاةِ مع الإمام أنّه أمرٌ عامٌّ من غير تَخْصيصٍ ولا تَعيين.

وذكر أبو بكرٍ الأثرمُ (٤)، قال: حدَّثنا عفّانُ، قال: حدّثنا جريرُ بن حازم، قال: سمِعتُ حمّادًا قال: كان إبراهيمُ يقولُ: إذا نوَى الرجلُ صلاةً وكتَبَتْها الملائكةُ، فمَن يَستطيعُ أنْ يُحَوِّلَها؟ فما صلَّى بعدَها فهو تطوُّعٌ.


(١) سلف تخريجه قبل قليل.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١٤/ ٢٩٩ (٨٦٦٣) و ١٦/ ٥٤٢ (١٥٩٣٠)، والبخاري (٦٩٤) من حديث عطاء بن يسار، عنه. ولفظه عندهما: "يُصلُّون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم".
(٣) منهم ابن مسعود، أخرجه عنه أحمد في المسند ٧/ ٣٦٤ (٤٣٤٧)، ومسلم (٥٣٤)، وعبادة بن الصامت وحديثه عند أحمد في المسند ٣٧/ ٣٥٦ (٢٢٦٨١)، وابن ماجة (١٢٥٧).
(٤) كما في المغني لابن قدامة ٢/ ٨٤ من طريق حماد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>