للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (١). قال: فهذا زيدُ بن أرقمَ يَذكرُ أنّ الآيةَ هكذا أُنزِلَتْ ليس فيها: "وصلاةِ العصر" وهو الثابتُ بينَ اللَّوْحَيْن بنقلِ الكافَّة.

واحتَجَّ أيضًا من قال: إنّها العصرُ. بقولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذي تَفُوتُه صلاةُ العصرِ فكانما وُتِر أهْلَه ومالَه" (٢). قالوا: فلم يَخُصَّها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالذِّكْرِ إلّا لأنَّها الوسطَى التي خَصَّها اللهُ بالتأكيد، واللهُ أعلم.

ورُوِيَ عن قَبيصةَ بن ذُؤيبٍ، أنّه قال: الصلاةُ الوسطَى صلاةُ المغرب، ألَا ترَى أنّها ليستْ بأقلِّها ولا أكثرِها، ولا تُقْصَرُ في السَّفرِ، وأنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُؤَخِّرْها عن وَقْتِها، ولم يُعَجِّلْها (٣)؟ وهذا لا أعلمُه قالَه غيرُ قَبيصَةَ.

قال أبو عُمر: كلُّ ما ذكَرْنا قد قيلَ فيما وصَفْنا، وبالله توفيقُنا، وهو أعلمُ بمُرادِه عزَّ وجلَّ من قوله: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}. وكلُّ واحدةٍ من الخمس وسطَى، لأنّ قبلَ كلِّ واحدةٍ منهنَّ صلاتَيْن وبعدَها صلاتَيْن (٤)، كما قال زيدُ بن ثابتٍ في الظُّهر، والمحافظةُ على جَميعِهنَّ واجبٌ واللهُ المستعان.


(١) أخرجه البخاري (٤٥٣٤)، ومسلم (٥٣٩) من حديث أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم. وفي آخره عندهما: قال زيد: فأُمرنا بالسُّكوت، وزاد مسلم: ونُهينا عن الكلام. وقد سلف تخريجه.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٣ (٢١) عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، به.
وأخرجه البخاري (٥٥٢)، ومسلم (٦٢٦) من طريق مالك، به. وسيأتي تمام تخريجه في باب نافع عن ابن عمر.
(٣) أخرجه بإسناد ضعيف جدًّا ابن جرير الطبري في تفسيره ٥/ ٢١٤ من طريق إسحاق بن أبي فروة عن رجل عن قبيصة بن ذؤيب.
وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال عنه ابن معين: ليس بشيء لا يكتب حديثه. وقال أحمد: لا تحلُّ عندي الرواية عن إسحاق بن أبي فروة. وقال أبو زرعة: متروك. ينظر (تهذيب الكمال ٢/ ٤٥٠) وهو على ضعفه رواه عن رجل مبهم مما يؤكّد أن هذا القول ساقط ولا تثبت نسبته لا قبيصة بن ذؤيب، والله تعالى أعلم.
(٤) سلف تعليقنا على هذا القول قبل قليل في هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>