للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُوي أيضًا عن حفصِ بن مَيسرةَ، عن زيدِ بن أسلمَ، عن ابن بُجَيْدٍ، عن جدَّتِه أمِّ بُجَيْدٍ، سمِعَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا تَحْقِرَنَّ جارةٌ لجارتِها ولو فِرْسِنَ شاةٍ" (١).

وقد رُوي عن سعيدٍ المقبُرِيِّ، عن عبدِ الرحمنِ بن بُجَيْدٍ الأنصاريِّ، عن جدَّتِه، قالت: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:"يا نساءَ المؤمناتِ، لا تَحْقِرَنَّ جارةٌ لجارتها ولو فِرْسِنَ شاةٍ".

وهذا عندَ مالكٍ (٢) إنّما هو حديثُ عَمْرِو بن معاذٍ الأشْهَلِيِّ، إلّا أنّ لفظَ حديث مالكٍ ليس فيه ذكرُ "فِرْسِنٍ". وإنّما هو: "ولو كُرَاعٌ مُحْتَرِقٌ".

قال صاحبُ "العينِ" (٣): فِرْسِنُ البعيرِ معروفٌ. وقال الأصمعيُّ في قولِه: "فِرْسِنَ شاةٍ": هذه استعارةٌ، وإنّما يُعْرَفُ الفِرْسِنُ للبعيرِ، والظِّلْفُ للشاةِ. قال: واستعارةُ الفِرْسِنِ لغيرِ البعيرِ هو كقولِ الشاعرِ:

أشكُو إلى مولايَ من مولاتي ... تَرْبِطُ بالحبلِ أُكَيْرِعاتِي (٤)

قال أبو عُمر: في هذا الحديثِ الحضُّ على الصَّدَقةِ بكلِّ ما أمكَن من قليلِ الأشياءِ وكثيرِها، وفي قولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} [الزلزلة: ٧]، أوضحُ الدَّلائلِ في هذا البابِ. وتَصدَّقتْ عائشةُ رضي الله عنها


(١) ذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك ص ١٤٤ (٧٢).
(٢) في الموطأ ٢/ ٥٢٠ (٢٦٩٠) و ٢/ ٥٩٦ (٢٨٤٧)، وقد سلف تمام تخريجه.
(٣) العين ٧/ ٣٤٣، وتنظر النهاية لابن الأثير ٣/ ٤٢٩.
(٤) الرجز في الفرق لابن أبي ثابت اللغوي ص ٢٨، وفي الدلائل في غريب الحديث لقاسم بن ثابت السرقسطي ٣/ ١١٧٣، وفي خزانة الأدب للبغدادي ٨/ ٥١ دون عزوٍ لقائل معيّن.

<<  <  ج: ص:  >  >>