للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهابٍ، عن سهل بن سعدٍ السَّاعدِيِّ، قال: نهَى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيعِ اللحم بالحيوانِ (١).

وهذا حديثٌ إسنادُه موضوعٌ، لا يَصِحُّ عن مالكٍ، ولا أصلَ له في حديثه.

وروَاه معمرٌ، عن زيدِ بن أسلمَ، عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ، أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نهَى عن بيعِ اللَّحم بالشَّاةِ الحيَّةِ. هذا لفظُ حديثِ معمرٍ، قال زيدُ بنُ أسلمَ: نظِرةً، ويدًا بيدٍ. هكذا قال معمرٌ، عن زيد بنِ أسلمَ (٢).

وقد اختلَف الفقهاءُ في القولِ بهذا الحديثِ، وفي معناه؛ فكان مالكٌ يقولُ: المرادُ من هذا الحديثِ تحريمُ التَّفاضلِ في الجنسِ الواحدِ، وهو عندَه من بابِ المزابنَةِ والغَرَرِ؛ لأنَّه لا يدرِي هل في الحيوانِ مثلُ اللحم الذي أعطَى، أو أقلُّ أو أكثرُ.

وبيعُ اللحم باللحم لا يجوزُ مُتَفاضلًا، فكذلك بيعُ الحيوانِ باللحم إذا كانا من جنسٍ واحدٍ، والجنسُ الواحدُ عندَه؛ الإبلُ، والبقرُ، والغنمُ، وسائرُ الوحش، وذواتُ الأربعِ المأكولاتُ، هذا كلُّه عندَه جنسٌ واحدٌ، لا يجوزُ بيعُ لحمِه بلحمِه إلَّا مِثلًا بمِثلٍ، وقد أجازَه على التَّحَرِّي، ولا يجوزُ حيوانُه بلحمِه عندَه أصلًا؛ من أجلِ المزابِنةِ. ومن هذا البابِ عندَه الشَّيْرَقُ بالسِّمْسِم، والزيتُ بالزيتونِ، لا يجوزُ شيءٌ منه على حالٍ، والطيرُ كلُّه عندَه جنسٌ واحدٌ، والحِيتانُ


(١) أخرجه الدارقطني في السنن ٤/ ٣٨ (٣٠٥٦)، وابن الجوزي في التحقيق (١٤٢٠) من طريق أحمد بن حمّاد بن سفيان الكوني، به. قال الدارقطني: تفرَّد به يزيد بن مروان عن مالك بهذا الإسناد، ولم يُتابع عليه، وصوابه في الموطأ عن ابن المسيِّب مرسلًا.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٨/ ٢٧ (١٤١٦٢) عن معمر، به. ولفظه في آخره: "قال زيد: يقول: نَظرةً أو يدًا بيد" بواو التخيير بدلًا من واو العطف هنا. وبمثل لفظ المصنف أخرجه أبو بكر عبد الله بن محمد النيسابوري في الزيادات على كتاب المزني ص ٣٦٧ (٢٤١) من طريق عبد الرزاق، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>