للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمَّا كان من الغَدِ أَسْفَرَ، ثم أمَرَ فأُقِيمتِ الصَّلاةُ، فصلَّى بنا، ثم قال: "أيْنَ السائلُ عن وقتِ الصلاةِ؟ ما بين هذينِ وقتٌ".

وهذا إسْناد صحيحٌ مُتَّصِلٌ بلفْظِ حديثِ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ ومَعْنَاه.

وقد رُوِيَ مِن حديثِ جابرٍ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مثلُه (١).

وبلَغني أنَّ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ حدَّثَ بهذا الحديثِ عن زَيدِ بنِ أسْلَمَ، عن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عن أنسِ بنِ مالِك، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-. وما أدري كيفَ صحَّةُ هذا عن سفيانَ؟ وأما الحديثُ عن زيدِ بنِ أسلمَ، فالصَّحيحُ فيه أنه من مُرْسلاتِ عطاءٍ. واللهُ أعلمُ.

وفي هذا الحديث منَ الفقه تأخيرُ البيانِ عن وقتِ السؤالِ إلى وقتٍ آخَرَ يجبُ فيه فِعلُ ذلك، إذا كان لعلةٍ جائزٌ عندَ أكثرِ أهلِ العلم، وأمَّا تأْخيرُ البيانِ عن حينِ تَكليفِ الفعلِ والعملِ حتى يَنقضيَ وقتُه، فغيرُ جائزٍ عندَ الجميعِ، وهذا بابٌ طالَ فيه الكلامُ بينَ أهلِ النظَرِ مِن أهلِ الفِقْهِ؛ فمَن أجازَ تأخيرَ البيانِ في هذا البابِ، احْتجَّ مِن جِهةِ الأثر بهذا الحديثِ وما أشبهَه، وبقولِه -صلى الله عليه وسلم- في حَجَّتِه: "خُذُوا عَنِّي مناسِكَكم" (٢). والمناسِكُ لم تَتِمَّ إلا في أيام، وقد كان يُمكِنُه أن


(١) أخرجه أحمد في المسند ٢٣/ ١٠٢ (١٤٧٩٠)، والنسائي في المجتبى (٥٠٤)، وفي الكبرى ٢/ ١٩٨ (١٥١٨)، والطحاوي في أحكام القرآن ١/ ١٦٩ (٢٨٣)، وفي شرح معاني الآثار ١/ ١٤٧ (٩٠٣) والطبراني في مسند الشاميين ١/ ٢٧٠ (٤٧٠) من طريق عبد الله بن الحارث عن ثور بن يزيد عن سليمان بن موسى، عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وسليمان بن موسى -وهو الدمشقي الأشدق- صدوق حسن الحديث، وثّقه يحيى بن معين ودُحيم وأبو داود وابن سعد كما في تحرير التقريب (٢٦١٦)، وباقي رجال الإسناد ثقات، وينظر: المسند المصنف المعلل ٥/ ٩٧ (٢٤٦٥).
وهو عند ابن خزيمة ١/ ١٨٢ (٣٥٣)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٩٦ من طرق عن عطاء، به.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢٢/ ١٢٨ (١٤٢١٩) و ٢٢/ ٣١٢ (١٤٤١٩) و ٢٢/ ٤٦١ (١٤٦١٨)، ومسلم (١٢٩٧)، وأبو داود (١٩٧٠)، والنسائي (٣٠٦٢)، وفي الكبرى ٤/ ١٦١ (٤٠٠٢) من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>