للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعَلِّمَهم ذلك قولًا في مُدَّةٍ أقرَبَ من مُدَّةِ تَعليمِه إياهم عَمَلًا، وكذلك قد كان قادِرًا على أن يُبَيِّنَ للسَّائلِ مِيقَاتَ تلك الصَّلاةِ، وسائرِ الصَّلَواتِ بقَوْلِه في مَجْلِسِه ذلك، ولكِنَّه أخَّرَ ذلك ليُبَيِّنَ ذلك له عَمَلًا، ولم يَمْتَنِعْ مِن ذلك لِمَا يخافُ عليه منَ اخترام المَنِيَّةِ؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد كانَ أنْبَأَهُ، واللهُ أعلمُ، أنَّه لا يَقْبِضُه حتى يُكْمِلَ به الدِّينَ، ويُبَيِّنَ للأُمَّةِ على لِسَانِه ما يُتَوَصَّلُ به إلى مَعْرِفَةِ الأحْكام، وكذلك فعَلَ -صلى الله عليه وسلم-. ولله الحمدُ كثيرًا.

وقد يكونُ البَيانُ بالفِعْل أثْبَتَ أحْيانًا فيما فيه عَمَل مِن القولِ، وقد قالَ -صلى الله عليه وسلم-: "ليس الخَبَرُ كالمُعَايَنَةِ" (١). روَاه ابنُ عَبَّاسٍ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم يَرْوِه غيرُه (٢). والله أعلمُ.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٢٦٠ (٢٤٤٧)، والبزار في مسنده ١١/ ٢٧٢ (٥٠٦٢)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة ٢/ ٦٩٨ (٧٦٦) والطبراني في الكبير ١٢/ ٥٤ (١٢٤٥١)، وأبو الشيخ في أمثال الحديث (٥)، وابن حبان في صحيحه ١٤/ ٩٦ (٦٢١٣)، وابن عدي في الكامل ٧/ ٢٨، ١٣٦، والحاكم في المستدرك (٣٢٥٠)، والخطيب في تاريخه ٦/ ٥٦٢ من طريق هشيم عن أبي بشر -وهو جعفر بن أبي وحشية- عن سعيد بن جبير عن ابن عباس- رضي الله عنهما. وهذا إسناد معلول، فإن هشيمًا لم يسمع هذا الحديث من أبي بشر، إنما دلسه كما قال يحيى بن حسان (الكامل لابن عدي ٧/ ١٣٦)، وهشيم معروف بالتدليس، وكان يدلس على أبي بشر كما صرح بذلك إبراهيم بن عبد الله الهروي (جامع التحصيل، ص ٢٩٤). على أن الحديث صحيح من غير هذا الوجه عن أبي بشر، فقد أخرجه البزار (٢٠٠) وابن حبان (٦٢١٤)، وابن عدي والطبراني في الكبير (١٢٤٥١)، والحاكم ٢/ ٣٨٠، والقضاعي في مسند الشهاب (١١٨٢) و (١١٨٣) و (١١٨٤) من طرق عن أبي عوانة عن أبي بشر، به.
(٢) ورواه أيضًا أنس رضي الله عنه، أخرجه الطبراني في الأوسط ٧/ ٩٠ (٦٩٤٣)، وابن عدي في الكامل في ترجمة محمد بن محمد بن مرزوق والخطيب في تاريخه ٤/ ٣٢٨ - ٣٢٩ عن طريق محمد بن مرزوق الباهلي، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه عن ثمامة عن أنس رضي الله عنه. وروي عن أبي هريرة عند الخطيب في تاريخه ٨/ ٥٥٠ من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه، وإسناده ضعيف، كما بيناه في التعليق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>