للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا المُنفردُ، فأولُ الوقتِ أولى به (١). وهو الذي مال إليه أهلُ النَّظرِ من المالكيِّينَ البغداديِّين، وترَكوا روايةَ ابنِ القاسم في المُنفردِ.

وقال الليثُ بنُ سعدٍ (٢): تُصلَّى الصلواتُ كلُّها، الظُّهرُ والعصرُ وغيرُهما، في أولِ الوقتِ، في الشتاء والصيفِ وهو أفضلُ. وكذلك قال الشافعيُّ (٣)، إلا أنه استثنَى فقال: إلا أن يكونَ إمامُ جماعةٍ يُنتابُ إليه (٤) من المواضع البعيدةِ، فإنَّه يُبرِدُ بالظهرِ. وقد رُوِي عنه أنَّ ذلك إنَّما يكونُ بالحجازِ حيثُ شدَّةُ الحرِّ، وكانت المدينةُ ليس فيها مسجد غيرَ مسجدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان يُنتابُ من بُعْدٍ. ومن حُجَّتِهم أنَّ عُمرَ كتَب إلى أبي موسى الأشعريِّ: أن صلِّ الظهرَ حينَ تزِيغُ الشَّمسُ. وهو حديثٌ متَّصلٌ ثابتٌ عن عُمرَ، رواه مالكٌ (٥)، عن عمِّه أبي سهيلِ بنِ مالكٍ (٦)، عن أبيه. وقد لقِي عُمرَ وعثمانَ. والحديثُ المذكورُ فيه عن عُمرَ إلى عمالِه: أن صلُّوا الظهرَ إذا فاء الفيءُ ذراعًا. منقطع. رواه مالكٌ (٧)، عن نافعٍ، عن عمرَ. ونافعٌ لم يلقَ عمرَ.

وقال العراقيون: تُصلَّى الظُّهرُ في الشتاء والصيفِ في أولِ الوقتِ، واستثنَى أصحابُ أبي حنيفةَ شدَّةَ الحرِّ، فقالوا: تُؤخَّرُ في ذلك حتى يَبرُدَ. والاختلافُ في هذا قريبٌ جدًّا (٨).


(١) ينظر: البيان والتحصيل ١٨/ ١٧١.
(٢) نقله عنه ابن رشد في البيان والتحصيل ١٨/ ١٧١.
(٣) الأم ١/ ٩١، وينظر: البيان والتحصيل ١٨/ ١٧١.
(٤) لفظه "إليه" لم يرد في خ، د ١، وهي من ق.
(٥) الموطأ ١/ ٣٧ (٧)، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف ١/ ٥٣٦ (٢٠٣٦)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار ٢/ ٢٩١ (٢٧٥٧) من طريق مالك، به.
(٦) هو نافع بن مالك بن أبي عامر.
(٧) سلف تخريجه قريبًا.
(٨) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني ١/ ١٤٤، والمبسوط للسرخسي ١/ ١٤٢، والهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني ١/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>