للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا أضمَنُهما، ما هما؟ فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن ضَمِنَ لي ما بينَ لَحْيَيْه وما بينَ رِجْلَيْهِ ضَمِنْتُ له الجَنَّة" (١).

قال أبو عُمر: معلومٌ أنَّه أراد بقولِه: "ما بينَ لَحْيَيْه": اللِّسانَ، و: "ما بين رِجْلَيْه". الفَرْجَ. واللهُ أعلمُ. ولهذا ما أرْدَفَ مالِكٌ (٢) حديثَه في هذا البابِ بحديثِه عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه، أنَّ عمرَ بنَ الخَطَّابِ دخَل على أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ وهو يَجْبِذُ لِسانَه، فقال له عمرُ: مَهْ! غفَر اللهُ لك. فقال أبو بكرٍ: إنَّ هذا أوْرَدَني الموارِدَ. وفي اللِّسانِ في معْنَى هذا البابِ آثارٌ كثيرةٌ، منها مرفُوعَةٌ، ومنها مِن قولِ السَّلَفِ. وقد ذكَر ابن المُبارَكِ وغيرُه في ذلك أبوابًا (٣).

وجَدْتُ في أصلِ سماعِ أبي بخَطِّه رحِمه اللهُ، أنَّ محمدَ بنَ أحمدَ بنِ قاسِم بنِ هِلالٍ حدَّثَهم، قال: حدَّثنا سعيدُ بنُ عثمانَ الأعْنَاقِيُّ، قال: حدَّثنا نَصرُ بنُ مَرْزُوقٍ، قال: أخبَرنا أسدُ بنُ موسى، قال: حدَّثنا عبدُ الحميدِ بنُ بهْرَامَ، عن شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ غَنْمٍ، عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ، أنَّه سألَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله، أيُّ الأعمالِ أفْضَلُ؛ الصلاةُ بعدَ الصلاةِ المفروضَةِ؟ قال: "لا، ونِعمَّا هي". قال: فالصَّومُ بعدَ صوم رمضانَ؟ قال: "لا، ونِعمَّا هو". قال: فالصدقةُ بعدَ الصَّدَقَةِ المفروضَةِ؟ قال: "لا، ونِعمَّا هي". قال: يا رسولَ الله،


(١) إسناده ضعيف جدًّا، أخرجه ابن عديّ في الكامل ٣/ ٧٥ (٦٢٢) عن الحسن بن علي، به. وقال: "وخراش هذا مجهول ليس بمعروف، وما أعلم أحدًا حدَّث عنه ثقة أو صدوق إلا الضعفاء" وقال عن الحسن بن علي العدوي الراوي عن خراش: "والعدويّ هذا كنّا نتَّهمه بوضع الحديث، وهو ظاهر الأمر في الكذب".
(٢) في الموطأ ٢/ ٢٨٦ (٢٨٢٥).
(٣) ينظر: الزهد والرّقائق لابن المبارك (باب حفظ اللسان) ١/ ١٢٥ - ١٣١، والأدب لابن أبي شيبة (باب في كفِّ اللسان وخوف ما يكون من الكلام) ص ٢٤٢ - ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>