للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأيُّ الأعمالِ أفضَلُ؟ قال: فأخْرَجَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لِسانَه، ثمَّ وضَعَ عليه إصبَعَه، فاسْتَرْجَع مُعَاذٌ وقال: يا رسولَ الله، أنُؤَاخَذُ بما نقولُ كلّه ويُكْتَبُ علينا؟ قال: فضَرَب رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مَنْكِبَ مُعَاذٍ، وقال: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا مُعَاذُ، وهل يَكُبُّ الناسَ على مَنَاخِرِهم في النارِ إلَّا حَصَائِدُ ألسِنَتِهم؟ " (١).

ومِن أحْسَنِ ما قيل في هذا المعنَى من النَّظْم المحْكَم قولُ نَصْرِ بنِ أحمدَ (٢):

لِسَانُ الفَتى حَتْفُ الفَتى حينَ يجْهَلُ ... وكلُّ امرئ ما بينَ فَكَّيْه مَقْتَلُ

وكم فاتحٍ أبْوابَ شَرٍّ لنَفْسه ... إذا لم يكنْ قُفْلٌ على فيهِ مُقْفَلُ

في أبياتٍ قد ذكَرتُها في كتابِ "العِلْمِ" في بابِها (٣).

وسيَأْتي في بابِ سعيدٍ المَقْبُرِيِّ عندَ قولِه -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كان يُؤْمِنُ بالله واليوم الآخِرِ فلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ". ما فيه كِفايَةٌ في فَضْلِ الصَّمْتِ، إن شاء اللهُ.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣٦/ ٣٨٣ (٢٢٠٦٣) و ٣٦/ ٤٣٣ (٢٢١٢٢)، والطبراني في المعجم الكبير ٢٠/ ٦٤ (١١٦) من طريق عبد الحميد بن بهرام، به. وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين ٤/ ١٣٧ (٢٩٩٨) من طريق شهر بن حوشب، به. وشهرٌ: ضعيف يعتبر به في المتابعات كما في تحرير التقريب (٢٨٣٠). وهو بعدُ لم يلق معاذًا والحديث عند ابن ماجة (٣٩٧٣)، والترمذي (٢٦١٦)، والنسائي في الكبرى ١٠/ ٢١٤ (١١٣٣٠) من طريق معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل -شقيق بن سلمة- عن معاذ. ولم يثبت سماع أبي وائل شقيق بن سلمة من معاذ، ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم، وذكر الدارقطني أن رواية شهر بن حوشب -وهو ضعيف- أشبه بالصواب، فجميع الطرق إلى معاذ في هذا الحديث معلولة، ومع ذلك قال الترمذي: حسن صحيح.
(٢) نصر بن أحمد، أبو القاسم البصري، الشاعر المعروف بالخبز أرزي، والبيتان في نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للمحسن بن علي التنوخي ٧/ ١٠٣، وفي تاريخ بغداد ١٥/ ٤٠٤، وأدب المجالسة، ص ٩٠، وبهجة المجالس ١/ ٨٦، وجامع بيان العلم وفضله للمصنف ١/ ٥٥٠.
(٣) جامع بيان العلم وفضله ١/ ٥٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>