للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الكبائرُ مَن وَقَاه اللّهُ إيَّاها، وعَصَمَه عنها (١)، ضُمِنَتْ له الجنةُ، إذا (٢) أدَّى فرائِضَه؛ فإنَّهُنَّ الحسناتُ المُذهِبَاتُ للسَّيئاتِ، ألَا تَرَى أنَّ مَن اجْتنَبَ كبائرَ ما نُهِيَ عنه، كُفِّرَتْ سَيِّئاتُه الصغائرُ بالوُضوء، والصلاةِ، والصيامِ، ومَن مات على هذا زُحْزِح عن النارِ وأُدْخِل الجنةَ وفاز، مَضْمُونٌ له ذلك؟ ومَن أتَى كبيرةً مِن الكبائرِ، ثم تاب عنها بالنَّدَم عليها، والاسْتِغْفارِ منها، وتَرْكِ العَوْدَةِ إليها؛ كان كمَن لم يَأْتِها قَطُّ، والتَّائِبُ مِن الذنبِ كمَن لا ذَنْبَ له.

على هذا التَّرتيبِ في الصغائرِ والكبائرِ وكَفَّارَةِ الذُّنُوبِ، جاءَ معنى كتابِ الله وسنةِ رسولهِ -صلى الله عليه وسلم- عندَ جماعَةِ العلماء بالكتابِ والسُّنَّةِ، ومَن أتى كبيرةً (٣) ومات على غيرِ تَوْبَةٍ منها، فأمْرُه إلى الله؛ إن شاء غَفَر له، وإن شاء عَذَّبَه.

فعلى ما ذكَرْنا ووَصَفْنا خرَجَ قولُنا: إنَّ الأحادِيثَ في اجْتِنابِ الكبائرِ أعَمُّ مِن حديثِ هذا البابِ، في قولِه: "مَن وُقِي ما بينَ لَحْيَيْه ورِجْلَيْهِ دَخَل الجنةَ". واللّهُ الموَفِّقُ للصَّوابِ، لا شَرِيكَ له.

وقد جاء عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه تكَفَّلَ بالجنةِ لمَن جاء بخِصالٍ سِتّ ذكَرَها: أخبَرنا خَلَفُ بنُ أحمدَ، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ مُطَرِّفٍ، قال: حَدَّثَنَا سعيدُ بنُ


= وشبيب بن بشر: هو أبو عبد الله البَجَلي وثَّقه يحيى بن معين وليَّنه أبو حاتم كما في تهذيب الكمال ١٢/ ٣٥٩ - ٣٦٠. وأورده ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٦٥ وعزاه للبزار وقال: "وفي إسناده نظر، والأشبه أن يكون موقوفًا، فقد رُوي عن ابن مسعود ذلك" قلنا: وحديث ابن مسعود أخرجه عبد الرزاق في المصنّف ١٠/ ٤٥٩ (١٩٧٠١)، وابن جرير الطبري في تفسيره ٨/ ٢٤٣، والطبراني في الكبير ٩/ ١٥٦ (٨٧٨٣) من طرق عن وَبَرة بن عبد الرَّحمن عن أبي الطفيل عنه موقوفًا. ورجَّح الدارقطني في العلل ٥/ ٣٤٢ (٩٣٧) الموقوف وقال: هو الصواب. وقال ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٦٦: "وهو صحيح إليه بلا شكٍّ".
(١) في خ: "منها"، وما أثبتناه من د ١، ق.
(٢) في خ: "ما"، وما أثبتناه من د ١، ق.
(٣) في د ١: "من مات عن كبيرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>