للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُثْمانَ، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بنُ عبدِ الأعلي، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الله بنُ يُوسفَ، قال: حَدَّثَنَا الليثُ بنُ سعدٍ، عن يَزِيدَ بنِ أبي حَبِيب، عن سعدِ بنِ سِنانٍ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَكَفَّلوا لي سِتًّا أتَكَفَّلْ لكم بالجنةِ". قالوا: وما هي يا رسولَ الله؟ قال: "إذا حَدَّثَ أحَدُكم فلا يَكْذِبْ، وإذا وَعَد فلا يُخلِفْ، وإذا اؤْتُمِن فلا يَخُنْ، وغُضُّوا أبصَارَكم، واحْفَظوا فُرُوجَكم، وكُفُّوا أيدِيَكم" (١).

وأمَّا رِوايَةُ مَن روَى في حديثِ مالِكٍ هذا: لا تُخْبِرْنا. على لَفْظِ النَّهْي، فيَحْتَمِلُ عندي وجْهَين؛ أحدُهما: أن يكونَ قائلُ ذلك قالَه على مَعْنَى اسْتِنْباطِها واسْتِخْراجِها إنْ يَتْرُكْهم، وذلك على وَجْهِ التَّعْلِيم والإدْرَاكِ بالفِكْرَةِ لها، أو يكونَ رجلًا منافقًا قال ذلك القولَ زَهادَةً في سَماعِ ذلك مِن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ورَغْبَةً عنه، وكانوا قومًا قد نَهاه اللّهُ عن قَتْلِهم بما أظْهَرُوه مِن الإيمانِ، واللّهُ أعلمُ أيَّ ذلك كان، وكيف كان.

وأمَّا رِوايةُ مَن روَى: ألَا تُخْبِرُنا. فهي بَيِّنَةٌ في الاسْتِفْهام على وَجْهِ العَرْضِ والإغْراء والحَثِّ، كأنها "لا" التي للتَّبْرِئَةِ (٢)، دخَلَ عليها ألِفُ الاسْتِفْهامِ، فصار مَعْنَاها ما ذكَرْنا.


(١) إسناده ضعيف، أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد بن منيع في مسنديهما كما في المطالب العالية لابن حجر (٢٩٠٩)، وإتحاف الخيرة للبوصيري (٧٣١١)، وأبو يعلى في مسنده ٧/ ٢٤٨ (٤٢٥٧)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (١٨٦) وفي مساوئ الأخلاق (١٥٢)، وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٣/ ٣٥٥ (٧٩٩)، والحاكم في المستدرك ٤/ ٣٥٩، والبيهقي في شعب الإيمان (٤٣٥٥)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٩/ ٣٦٧ من طرق عن الليث بن سعد، به. وفي إسناده سعد بن سنان: وهو الكندي المصري ضعّفه أحمد ابن حنبل والنسائي والدارقطني والجوزجاني. وقال الذهبي: ليس بحجَّة. ينظر تحرير التقريب (٢٣٣٨).
(٢) وهي التي تفيد تبرئة جنس اسمها كله من معنى غيرها، وسمّيت بذلك لأنَّها تختص بتبرئة أفراد الجنس عن حكم الخبر، لقوَّة دلالتها على النفي المؤكِّد أكثر من غيرها من أدوات النفي الأخري، وهي المعروفة بـ"لا" النافية للجنس، ولعملها شروط مبسوطة في كتب النحو. ينظر: أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ٢/ ٣، وضياء السالك إلى أوضح المسالك ١/ ٣٣٩، وجامع الدروس العربية ٢/ ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>